في تطور مُطمئن وسط الظروف الاستثنائية التي تمر بها اليمن، نجح بنك عدن الإسلامي في صرف 100% من مرتبات موظفي مطابع الكتاب المدرسي لشهر نوفمبر في موعدها المحدد. هذا الإنجاز يأتي في وقت توقفت فيه مؤسسات كثيرة عن العمل، بينما تواصل مطابع عدن طباعة مستقبل اليمن بصمود يثير الإعجاب. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيستمر هذا الانتظام في الشهور القادمة؟
شهدت صباح اليوم مشاهد مبهجة أمام فروع بنك عدن الإسلامي، حيث تجمع مئات الموظفين لاستلام مستحقاتهم في أجواء من الارتياح والامتنان. محمد العدني، موظف مطابع لديه 4 أطفال، عبر عن سعادته قائلاً: "كنت قلقاً من تأخير الراتب هذا الشهر، لكن الحمدلله وصل في وقته." رائحة الحبر الطازج تنبعث من المطابع التي تعمل بلا توقف، بينما تتردد أصوات آلات الطباعة كموسيقى الأمل في أذن كل يمني يحلم بمستقبل أفضل لأطفاله.
هذا الإنجاز لم يأت من فراغ، بل هو ثمرة جهود مضنية لضمان استمرارية النظام التعليمي رغم التحديات الاقتصادية الجسيمة. فاطمة أحمد، مديرة الشؤون المالية، سهرت الليالي لضمان صرف الرواتب في وقتها، مؤكدة أن "التعليم خط أحمر لا يمكن التفريط فيه." د. علي الحضرمي، الخبير الاقتصادي، يرى في هذا الانتظام "مؤشراً إيجابياً على استقرار النظام المالي في عدن، كما كانت مصر القديمة تحرص على توزيع الحبوب على شعبها."
التأثير الإيجابي لهذا القرار امتد إلى الحياة اليومية للمواطنين، حيث شهدت الأسواق المحلية حركة شرائية ملحوظة. سعد المحضار، موظف استلم راتبه صباح اليوم، أشار إلى أن "المرتبات تتدفق كالماء العذب في الصحراء القاحلة" - تعبير يلخص معاناة الشعب اليمني وأهمية هذه الخطوة. التحدي الأكبر يبقى في ضمان استدامة هذا النظام، خاصة مع التقلبات الاقتصادية المستمرة وضرورة تأمين مصادر تمويل ثابتة لضمان استمرارية هذا الإنجاز.
في زمن تتصاعد فيه التحديات الاقتصادية، يبرز نجاح بنك عدن الإسلامي ومطابع الكتاب المدرسي كنموذج يُحتذى به في الصمود والاستمرارية. هذا الإنجاز يزرع الأمل في توسع هذا النظام ليشمل قطاعات حيوية أخرى، ويؤكد أن الإرادة الحقيقية قادرة على تحدي أصعب الظروف. السؤال الذي يبقى مطروحاً: هل ستستطيع المؤسسات الأخرى أن تحذو حذو هذا المثال الناجح، أم ستبقى عدن واحة الاستقرار الوحيدة في بحر من التحديات؟