تكشف البيانات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء عن واقع صادم يعيشه المجتمع السعودي، حيث تشهد المملكة حالة طلاق واحدة كل تسع دقائق، ما يعادل 157 حالة يومياً، مع تركز 65% من هذه الحالات في السنة الأولى من الزواج، مما يكشف عن أزمة حقيقية تهدد استقرار الأسر الحديثة.
وبلغ إجمالي حالات الطلاق المسجلة في السجلات الإدارية لوزارة العدل أكثر من 57,595 حالة، بما يعكس معدلاً مفزعاً يضع المملكة أمام تحدٍ اجتماعي حقيقي يستدعي تدخلاً عاجلاً من الجهات المختصة.
ويشكل الزواج في سنته الأولى بؤرة الخطر الأكبر، حيث تتركز نسبة 65% من حالات الطلاق خلال هذه الفترة الحرجة، مما يشير إلى فشل شريحة كبيرة من الأزواج في تجاوز صعوبات التكيف الأولى والتحديات التي تواجه العلاقات الناشئة. هذا المعدل المرتفع في السنة الأولى يعكس عمق الأزمة التي تواجه المؤسسة الزوجية في المجتمع السعودي.
وتظهر الأرقام الرسمية أن نسبة الطلاق بلغت 12.6% من إجمالي عقود الزواج، وهي نسبة تعتبر مرتفعة مقارنة بالمعايير الاجتماعية المرغوبة، خاصة مع استمرار ارتفاع هذه النسبة عن الأعوام السابقة بمعدل ملحوظ.
ويؤكد المحامي عبدالعزيز فاهد الشهراني أن هذه الأرقام صادرة رسمياً عن وزارة العدل، مما يضفي عليها مصداقية كاملة ويجعلها مؤشراً دقيقاً لحجم الظاهرة التي باتت تشكل تهديداً حقيقياً للاستقرار الاجتماعي في المملكة.
وتشير الدراسات الاجتماعية إلى أن السنة الأولى من الزواج تمثل فترة اختبار حقيقية للعلاقة الزوجية، حيث يواجه الزوجان تحديات التكيف مع الحياة المشتركة، وتنسيق التوقعات المختلفة، والتعامل مع ضغوط الأسرتين، إضافة إلى التحديات المالية والاجتماعية التي تفرضها الحياة الجديدة.
ولا تقتصر المشكلة على الأرقام فحسب، بل تمتد لتشمل التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية على الأفراد والمجتمع ككل. فارتفاع معدلات الطلاق في السنة الأولى يعني فشل استثمارات مالية وعاطفية ضخمة، إضافة إلى الآثار النفسية السلبية على الطرفين وأسرهما.
وتختلف أسباب الطلاق في السنة الأولى عن تلك التي تحدث في السنوات التالية، حيث تتركز معظم الحالات حول عدم التوافق في الشخصيات، وعدم واقعية التوقعات قبل الزواج، والضغوط المالية، وعدم النضج الكافي للتعامل مع مسؤوليات الحياة الزوجية.
وتدق هذه الأرقام ناقوس الخطر للمختصين في علم الاجتماع وخبراء العلاقات الأسرية، الذين يرون ضرورة ملحة لتطوير برامج تأهيل ما قبل الزواج، وتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للأزواج الجدد، خاصة خلال الأشهر الأولى من زواجهم.
كما تستدعي هذه الإحصائيات المفزعة تضافر جهود الجهات الحكومية والمؤسسات الاجتماعية والدينية لوضع استراتيجية شاملة للحد من ظاهرة الطلاق في السنة الأولى، من خلال برامج التوعية والإرشاد الأسري، وتوفير الدعم اللازم للأزواج لتجاوز تحديات البداية وبناء أسس قوية لعلاقة مستقرة.