في صدمة حقيقية هزت أوساط ملايين المغتربين، أعلنت المملكة العربية السعودية عن نظام رسوم جديد لاستقدام الزوجة يصل إلى 8000 ريال - مبلغ يعادل راتب شهرين كاملين لموظف متوسط الدخل. هذا القرار يضع الأسر أمام معادلة صعبة: إما دفع ما يساوي ثلثي الراتب السنوي لعامل بسيط، أو البقاء منفصلين عن أحبائهم لسنوات أخرى. الساعات القادمة ستشهد قرارات مصيرية تحدد مصير علاقات عائلية بأكملها.
النظام المثير للجدل يحمل تناقضاً صارخاً: فبينما تتيح التقنية الحديثة إنجاز المعاملة خلال ساعات قليلة بدلاً من أسابيع مؤلمة، تخلق الرسوم الباهظة فجوة اجتماعية تصل إلى 80 ضعفاً بين أقل وأعلى قيمة. "أحمد الحسيني"، عامل نظافة يمني براتب 2500 ريال، يحكي بصوت مكسور: "لم أرَ زوجتي منذ عامين، والآن عليّ دفع ثلاثة أشهر راتب كاملة لأراها مجدداً... كيف سأعيش؟" هذا بينما تحتفل "د. سارة المتخصصة" التي استطاعت استقدام أسرتها خلال 4 ساعات فقط بفضل راتبها المريح البالغ 25000 ريال شهرياً.
جذور هذا التحول تمتد إلى رؤية السعودية 2030 الطموحة، حيث عانت الأنظمة القديمة من بيروقراطية مؤلمة تستغرق أسابيع طويلة وطوابير لا تنتهي. المفارقة أن النظام الجديد يحقق إنجازاً تقنياً مبهراً بتوفير 2.3 مليون ساعة سنوياً - وقت يعادل عمل 1100 شخص بدوام كامل لسنة كاملة. لكن هذا التقدم التكنولوجي يأتي بثمن اجتماعي باهظ قد يفرّق بين الأحباب. د. ماجد، خبير الهجرة والعمالة، يعلق: "النظام ممتاز تقنياً، لكنه يحتاج مراجعة عاجلة لضمان العدالة الاجتماعية".
التأثير على الحياة اليومية للمقيمين بات واضحاً ومؤلماً: الآلاف يعيدون حساباتهم المالية، يؤجلون خططاً عائلية، ويبحثون عن قروض شخصية بحثاً عن حلول. فاطمة، العاملة المنزلية الإندونيسية، تمسح دموعها قائلة: "كنت أنتظر 6 أسابيع لاستقدام ابنتي، الآن الأمر سريع لكن مكلف أكثر من راتبي لثلاثة أشهر". السيناريوهات المتوقعة تتراوح بين تطوير برامج دعم حكومية للفئات محدودة الدخل، وبين خطر حدوث هجرة جماعية للعمالة البسيطة التي لا تستطيع تحمل هذه التكاليف الجديدة.
هذا التحول الدراماتيكي يضع المملكة أمام تحدٍ حقيقي: كيف تحقق التوازن بين طموحاتها التقنية والرقمية وبين العدالة الاجتماعية؟ الأسابيع القادمة ستكشف ما إذا كانت الحكومة ستطور آليات دعم للفئات المحتاجة، أم أن ملايين الأسر ستدفع الثمن الباهظ لهذا التقدم التكنولوجي. في النهاية، هل ستصبح رؤية الزوجة والأطفال امتيازاً للأثرياء فقط؟