في تطور مفزع يهز عدن، العاصمة المؤقتة، أصبح كيلو الأرز يكلف راتب يوم كامل لموظف حكومي، بينما تشهد المدينة ارتفاعاً في الأسعار أسرع من صاروخ باليستي. كل دقيقة تأخير تعني جوع ألف أسرة إضافية، في كارثة اقتصادية تنذر بانهيار شامل قد يحول المدينة إلى منطقة منكوبة خلال أيام.
تسبب هذا الارتفاع الجنوني والمستمر في أسعار المواد الغذائية الأساسية في مضاعفة المعاناة اليومية للأسر، خاصة ذوي الدخل المحدود والموظفين الذين باتوا يبيعون ممتلكاتهم لشراء الخبز. أم فاطمة، أرملة بثلاثة أطفال، تكافح لشراء الخبز اليومي بعد أن ارتفع سعره بنسبة مضاعفة: "أطفالي ينامون جائعين والحكومة صامتة". د. محمد العدني، خبير اقتصادي، يحذر: "الوضع ينذر بكارثة إنسانية إذا لم تتدخل الحكومة فوراً".
يأتي هذا الانهيار الاقتصادي نتيجة تدهور مستمر في سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، مدفوعاً بجشع بعض التجار وغياب الرقابة الحكومية الفعالة. المشاهد الحالية في عدن تذكرنا بأزمة لبنان الاقتصادية أو انهيار الليرة التركية، حيث تحولت أسواق المدينة إلى ساحات للتذمر واليأس. الخبراء الاقتصاديون يتوقعون تدهوراً أكبر إذا لم تتحرك الحكومة خلال 48 ساعة القادمة لوقف هذا التدهور المدمر.
في مشاهد تحطم القلب، تبكي ربات البيوت في الأسواق عجزاً عن شراء الطعام لأطفالهن، بينما يقف الآباء عاجزين أمام أكياس التسوق نصف الفارغة. سالم البقال، صاحب محل في المدينة: "أصبح الزبائن يشترون كميات أقل ويفاوضون على كل قرش، والبعض يأتي فقط لينظر ثم يرحل". هذه الأزمة تهدد بإشعال احتجاجات شعبية وموجة نزوح داخلي، مع تفاقم خطر المجاعة التي تطرق أبواب آلاف الأسر اليمنية.
عدن تحترق اقتصادياً والمواطن هو الضحية الوحيدة في معادلة السياسة والاقتصاد المعقدة. الساعات القادمة حاسمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من كرامة الشعب ولقمة العيش الأساسية. إما التدخل الحكومي العاجل لضبط الأسواق وتثبيت العملة، أو الكارثة الإنسانية الشاملة التي ستطال كل بيت في المدينة. هل ستصحو الحكومة والسلطات المحلية قبل أن تصبح عدن مدينة أشباح اقتصادية؟
