في تطور صادم هز الشارع اليمني، تحولت أسواق العاصمة عدن إلى "متاجر ذهب" حيث وصل سعر كيلو البصل إلى 8000 ريال - أكثر من راتب موظف حكومي ليوم كامل! شراء 5 كيلو بصل اليوم يكلف أكثر من شراء هاتف ذكي جديد، في مشهد يثير الذهول ويضع المواطنين على شفا كارثة غذائية حقيقية.
في مشهد يحبس الأنفاس، شهدت أسواق عدن تفاوتاً جنونياً يصل إلى 700% بين أسعار الخضروات المختلفة في نفس السوق ونفس اليوم. أم أحمد، ربة بيت من عدن تبحث عن البدائل الرخيصة لإطعام أسرتها المكونة من 6 أفراد، تقول بصوت منكسر: "هذه ليست أسعار طعام، هذه أسعار كماليات لا نستطيع حتى الحلم بها". وجوه منهكة، جيوب فارغة، وعربات تسوق نصف ممتلئة تحكي قصة مأساة صامتة تعيشها الأسر اليمنية يومياً.
منذ بداية النزاع عام 2015، فقد الريال اليمني أكثر من 80% من قيمته أمام الدولار، لكن ما يحدث اليوم يفوق كل التوقعات. انقطاع طرق التجارة، ارتفاع تكاليف الوقود بنسبة 300%، وضعف الرقابة الحكومية تشكل عاصفة مثالية دمرت القدرة الشرائية للمواطنين. آخر مرة شهدت فيها المنطقة أسعاراً مماثلة كانت خلال أزمة الخليج عام 1990، والخبراء يحذرون: "ما نراه اليوم مجرد بداية - الأسوأ قادم إذا لم تتدخل الجهات المختصة فوراً".
التأثير المدمر لهذه الأسعار الجنونية يتجاوز الأرقام إلى واقع مؤلم: أمهات يبكين في الأسواق، أطفال يحلمون بتفاحة واحدة، وأسر تتناول وجبة واحدة يومياً. فاطمة المتسوقة، 32 عاماً، تضطر لتغيير قائمة مشترياتها يومياً حسب الأسعار المتاحة، تقول بحرقة: "أصبحت أحسب ثمن كل حبة طماطم قبل أن أضعها في السلة". سوء التغذية الجماعي، الهجرة من المدينة، وانهيار محتمل للنسيج الاجتماعي خلال أشهر - هذا ما ينتظر عدن إذا استمر هذا الوضع الكارثي.
بصل بـ8000 ريال وتفاح بـ5000 ريال ليس مجرد أرقام في تقرير إخباري - إنها صرخة استغاثة من شعب جائع يقف على حافة الهاوية. إذا استمر هذا المنحى المرعب، فإن عدن تتجه نحو كارثة إنسانية لم تشهدها من قبل. الوقت ينفد والحلول تتطلب تحركاً فورياً قبل فوات الأوان. السؤال المحوري الآن: هل ستصبح عدن أول مدينة عربية يموت فيها الناس جوعاً وسط وفرة البحر والميناء؟
