في إنجاز يعيد رسم خريطة التميز التعليمي في المملكة، حققت منطقة جازان انتصاراً مدوياً بحصول 82 مدرسة على جوائز التميز المدرسي على مستوى المملكة، في رقم قياسي يضع الجنوب السعودي في المقدمة ويثبت أن الجغرافيا ليست عذراً للتفوق. هذا الرقم الاستثنائي يعادل تقريباً عدد مدارس مدينة متوسطة الحجم، ما يجعل جازان تتفوق على مناطق أكبر حجماً وإمكانيات.
وفي حفل مهيب شهدته إمارة المنطقة، استقبل الأمير محمد بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان، المدير العام للتعليم ملهي بن حسن عقدي ومديري ومديرات المدارس المكرمة، في مشهد احتفالي امتزج فيه صوت التصفيق الحار مع ابتسامات الفخر التي أضاءت وجوه الحاضرين. المعلمة فاطمة، معلمة الصف الأول في إحدى المدارس المكرمة، تقول بفخر: "لم أصدق أن مدرستنا الصغيرة ستنافس الرياض وجدة وتفوز!" فيما عبرت الدموع في عيون المعلمات الكبيرات عن سنوات من العطاء والتفاني.
وخلف هذا الإنجاز التاريخي قصة نجاح تمتد لسنوات من العمل الدؤوب والرؤية الطموحة، حيث شكل دعم القيادة الرشيدة لقطاع التعليم وحرص وزارة التعليم على تطوير المخرجات التعليمية الأساس المتين لهذا التفوق. مثل نهضة اليابان بعد الحرب، تثبت جازان أن التعليم هو الطريق الأقصر للتميز، وأن العزيمة الصادقة تتغلب على كل التحديات. د. سعد الخبير التعليمي يؤكد: "ما حققته جازان يؤكد أن التميز لا يحتاج لإمكانيات ضخمة، بل لعزيمة صادقة وخطة محكمة."
وتتجاوز آثار هذا الإنجاز أسوار المدارس لتصل إلى البيوت والشوارع، حيث ارتفعت الثقة لدى أولياء الأمور بشكل ملحوظ. أبو محمد، ولي أمر أحد الطلاب، يقول: "كنت أفكر في نقل ابني لمدرسة خاصة، لكن الآن أثق أن المدرسة الحكومية هنا أفضل من أي مكان آخر." هذا الإنجاز الذي يتماشى مع أهداف برنامج تنمية القدرات البشرية ورؤية المملكة 2030، يفتح الباب واسعاً أمام استثمارات تعليمية جديدة ويجعل من جازان نموذجاً يُحتذى به في جميع أنحاء المملكة.
واليوم، بينما تنتشر أخبار هذا التفوق مثل انتشار النار في الهشيم، تتطلع عيون المملكة نحو جازان كقدوة ومثال يُحتذى به. 82 نجمة تضيء سماء التعليم في الجنوب، في إنجاز يحمل وعوداً كبيرة لمستقبل أكثر إشراقاً. فهل ستكون مدرستك التالية في قائمة المتميزين؟ الجواب يكمن في العزيمة والإصرار اللذين صنعا معجزة جازان التعليمية.