في تطور صادم هز أركان السوق المالي السعودي، شهدت 271 شركة حركة أموال أجنبية عاصفة خلال يوم واحد فقط، حيث هربت الأموال الأجنبية من 176 شركة بينما تدفقت بقوة على 95 شركة أخرى. هذا التحرك الذي يشبه الزلزال المالي أعاد رسم خريطة الاستثمار الأجنبي في السوق خلال 48 ساعة حاسمة، مخلفاً وراءه أسئلة محيرة: ما السر وراء هذا الانقلاب المفاجئ؟
تصدرت شركة "شمس" قائمة الفائزين بقفزة مذهلة قدرها 0.63% في الملكية الأجنبية لتصل إلى 4.14%، تلتها "أنابيب السعودية" و"الآمار" في مشهد يعكس ثقة متزايدة في قطاعات محددة. "سارة الشهري، مستثمرة ذكية راهنت على شركة شمس، تقول بفخر: 'توقعت هذا التحرك بناء على أدائها القوي، والأجانب يؤكدون صحة اختياري'. في المقابل، تكبدت شركة "أبو معطي" أكبر خسارة بانخفاض 0.80% في الملكية الأجنبية، وسط أصوات تحذيرية من خروج مستثمرين آخرين.
هذه الموجة العاتية تأتي في سياق إعادة تقييم عالمية للمخاطر وسط التوترات الجيوسياسية المتصاعدة وتقلبات أسعار النفط. د. محمد الراجحي، محلل الأسواق، يفسر الظاهرة: "الأموال الأجنبية تتحرك كأسراب الطيور المهاجرة، تبحث عن أفضل المناخات الاستثمارية". هذا التحرك يذكرنا بموجة الاستثمار التاريخية التي شهدها السوق عند انضمام السعودية لمؤشر MSCI، لكن هذه المرة الاتجاه أكثر انتقائية وتخصصاً.
أحمد المطيري، مساهم في شركة "أبو معطي"، يروي بحزن: "شاهدت قيمة استثماري تنخفض مع خروج الأجانب، لكنني متمسك بأسهمي لأنني أؤمن بالشركة على المدى الطويل". هذا المشهد يتكرر عبر 176 شركة فقدت جاذبيتها للمستثمرين الأجانب، بينما يحتفل مساهمو الـ95 شركة الفائزة بتدفق أموال جديدة تقدر بـ5.5 مليار ريال. التأثير لا يقتصر على الأرقام، بل يمتد لحياة آلاف المستثمرين الذين يراقبون شاشات التداول الحمراء والخضراء بقلوب متسارعة النبضات.
بينما يستمر الجدل حول أسباب هذا التسونامي الاستثماري، تبقى الأسئلة معلقة في أذهان المتداولين: هل هذا مجرد إعادة توازن استراتيجي مؤقت أم بداية لموجة خروج أوسع من السوق السعودي؟ الإجابة ستتضح خلال الأيام القادمة، لكن شيئاً واحداً مؤكد: خريطة الاستثمار الأجنبي في السوق السعودي تغيرت للأبد في يوم واحد فقط.