في مشهد مؤلم يحبس الأنفاس، كشف سد الوحدة عن قاعه الجاف تماماً لأول مرة في تاريخه، مخلفاً وراءه صدمة جماعية بين الأردنيين الذين وصفوا المنظر بـ"الصادم والمؤلم". هذا السد الذي كان يحمل أمل المنطقة في توفير المياه لأكثر من مليون مواطن، أصبح اليوم مجرد حفرة جافة تحت الشمس اللاهبة، في تذكير قاسٍ بأن الأردن يواجه أزمة مائية حقيقية قد تغير مجرى الحياة كما نعرفها.
انتشرت الصور المؤلمة للسد الجاف عبر وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، مظهرة قاعاً متشققاً كأرض صحراء قاحلة، حيث تردد صدى أقدام الزوار على الطين الجاف الذي كان يوماً ما مغطى بمياه زرقاء صافية. "لم أصدق عيني عندما شاهدت هذا المنظر"، يقول أبو محمد، المزارع الستيني الذي فقد محصوله بالكامل، "كنت أجلب أطفالي هنا للسباحة، والآن أشاهد المكان وكأنه مقبرة جافة". الناطق باسم وزارة الأوقاف ربط الأمر بـارتكاب المعاصي وإقامة الحفلات الماجنة، مشيراً إلى حفل المطربة اللبنانية هيفاء وهبي الذي تزامن مع صلاة الاستسقاء.
هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الأردن أزمة مائية حادة، فالمملكة تحتل المرتبة الرابعة عالمياً في فقر المياه بمعدل 61 متر مكعب للفرد سنوياً فقط. خلال العقد الماضي، انخفض هطول الأمطار بنسبة 27% مقارنة بالمعدلات التاريخية، مما جعل الاعتماد على السدود أمراً حيوياً لا بديل عنه. د. سامي الهيدرولوجي، الخبير في شؤون المياه، كان قد حذر من هذا السيناريو منذ سنوات: "كنا نعلم أن هذا اليوم قادم، لكننا لم نتخذ الإجراءات الكافية للاستعداد له".
تأثير الجفاف لا يقتصر على المناظر المؤلمة فحسب، بل يمتد ليطال الحياة اليومية لملايين الأردنيين. فاطمة، ربة البيت من شمال الأردن، تحكي بحسرة: "المياه تنقطع عن منزلنا يومياً لساعات، وأطفالي يسألونني متى ستعود المياه كما كانت". المزارعون يشاهدون محاصيلهم تذبل أمام أعينهم، بينما ترتفع أسعار الخضار والفواكه بشكل جنوني. الخبراء يحذرون من أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى هجرة جماعية من الريف إلى المدن، مما يخلق ضغطاً إضافياً على الموارد المحدودة أصلاً.
في ظل هذا الواقع المرير، تتعالى الأصوات المطالبة بحلول عاجلة وجذرية. البعض يدعو لصلوات استسقاء أسبوعية، بينما يطالب آخرون بالاستثمار الفوري في تقنيات تحلية المياه وتجميع مياه الأمطار. الوقت ينفد بسرعة، وكل يوم تأخير يعني المزيد من التصحر والعطش. هل سننتظر حتى يجف آخر قطرة ماء في أرض الأردن، أم سنتصرف اليوم قبل فوات الأوان؟