الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي يتلقى العلاج في السعودية، وسط غموض حول منصب رأس الدولة اليمنية في غيابه، عسكري وبراجماتي محنك، لعب دورا محوريا في التاريخ العاصف لبلاده طوال أكثر من نصف قرن. ومع إصرار شباب “الثورة السلمية” على الاحتفال برحيله، وتأكيد المعارضة أن صفحته السياسية طويت، تبدو مسيرة من وصف حكمه لليمن بـ”الرقص على رؤوس الثعابين”، قد شارفت على نهايتها. دخل صالح معترك السياسة في 1962 خلال الانقلاب الذي أطاح آخر الائمة الذين حكموا اليمن، وشارك في إقامة جمهورية اليمن العربية في مناطق معزولة وقاحلة، وتحكمها الأعراف القبلية. وفي أعقاب ذلك، اندلعت حرب أهلية دعمت فيها مصر بقيادة جمال عبدالناصر العسكريين في الحكم، بينما دعمت السعودية، الجار الشمالي الكبير، القادة القبليين الموالين للإمام. انتهت هذه الحرب في 1970. وفي الوقت نفسه، كانت مناطق جنوب اليمن الحالي تحت سيطرة البريطانيين، خصوصاً عدن، الواجهة البحرية للبلاد. وغادر البريطانيون جنوب اليمن تحت وطأة انتفاضة واسعة النطاق في 1967، وقامت بعد ذلك جمهورية اليمن الشعبية الديموقراطية، وعاصمتها عدن، وأصبحت هذه الجمهورية تدور في فلك الاتحاد السوفييتي. وفي 1978، اختير صالح الذي كان حينها في رتبة مقدم، من قبل هيئة تأسيسية ليحل مكان رئيس اليمن الشمالي أحمد الغمشي الذي قتل في عملية دبرت في الجنوب. وصالح الذي ولد في 21 مارس 1942، أحاط نفسه بنواة صلبة من المقربين الأوفياء، لاسيما اخوته الذين وضعهم في مواقع اساسية في النظام العسكري والأمني.كما يعتمد صالح على الحزب الحاكم، حزب المؤتمر الشعبي العام. ولكن ليتمكن من حكم هذا البلد المعقد جداً، تماشى صالح مع التركيبة القبلية والتقليدية للبلاد التي تفتقر للثروات الطبيعية، والتي يتمتع فيها شيوخ القبائل ورجال الدين بنفوذ كبير. وينتمي صالح لقلبية سنحان، وهي جزء من قبائل حاشد الأكبر والأقوى في اليمن، والتي خاض في الأسابيع الماضية مع مناصري شيخها صادق الاحمر معارك طاحنة. وقال الخبير في شؤون اليمن فرانك ميرمييه “منذ العام 1978، أقدم صالح بهدف الحفاظ على نظامه، على دمج شيوخ القبائل في هيكلية الدولة، ومنحهم مقاعد في الحكومة، وجعلهم يستفيدون من الدعم المالي الحكومي”. وأصيب صالح الجمعة في هجوم استهدف مسجد القصر الرئاسي، ونقل ليل السبت الأحد إلى السعودية لتلقي العلاج مع مسؤولين كبار أصيبوا في الهجوم نفسه. وكتب غسان شربل في افتتاحية صحيفة “الحياة” الصادرة في لندن الاثنين أن صالح “لدغته الثعابين” في النهاية.*ا ف ب