في لحظة تاريخية لن تُمحى من ذاكرة الأقصر، انتهت 16 عاماً من المعاناة والانتظار بتسليم مفاتيح السعادة لـ100 عائلة حصلت أخيراً على منازل أحلامها. استثمار ضخم بقيمة 137 مليون جنيه تحول إلى فرحة غامرة وأحلام تتحقق في مدينة الطود، وسط زغاريد النساء ودموع الفرح التي احتضنت اللحظات الأولى لاستقبال المنازل الجديدة.
شهدت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية لحظات الفرحة العارمة أثناء تسليم المرحلة الثانية من مشروع إسكان الطود الاجتماعي. "كنت أحلم بهذا اليوم منذ زواجي، والآن أصبح حقيقة"، قالت فاطمة حسن، 38 عاماً، إحدى المستفيدات وهي تمسك مفتاح شقتها بيد ترتجف من الفرحة. المشروع الضخم الذي يضم 30 عمارة و600 وحدة سكنية بمساحة 65 متراً مربعاً لكل وحدة، يمثل نقلة حضارية حقيقية في حياة المواطنين.
هذا الإنجاز لم يأت من فراغ، بل كان نتاجاً لتوجيهات القيادة السياسية وخطط التنمية الطموحة ضمن رؤية مصر 2030. المرحلة الأولى التي تم تسليمها في سبتمبر الماضي حققت نجاحاً باهراً، مما شجع على الإسراع في تنفيذ المراحل التالية. "مشروعات الإسكان الاجتماعي تمثل أولوية استراتيجية"، أكدت وزيرة التنمية المحلية، مشيرة إلى أن هذا النموذج سيتم تطبيقه في محافظات أخرى. خبراء التنمية يشبهون هذا المشروع ببناء مدينة صغيرة كاملة، حيث سيغير الوجه العمراني للمنطقة إلى الأبد.
وبعيداً عن الأرقام والإحصائيات، فإن التأثير الحقيقي يكمن في التحول الجذري لحياة العائلات التي عانت طويلاً من ارتفاع أسعار الإيجار وعدم الاستقرار. أحمد محمد، 45 عاماً، الذي انتظر 16 عاماً، يقول: "شاهدت أطفالي يكبرون في منزل ضيق، واليوم سيلعبون في غرفهم الخاصة". هذا التغيير لا يقتصر على السكن فحسب، بل يمتد لتوفير أموال الإيجار التي ستُستخدم في التعليم والصحة. المنطقة تشهد أيضاً نهضة اقتصادية حيث تزداد فرص العمل للحرفيين والمقاولين المحليين، فيما تتطلع العائلات الأخرى لموجات قادمة من التسليم.
مع اكتمال 200 وحدة من أصل 600، تبقى 400 وحدة في انتظار التسليم خلال المراحل القادمة. النجاح المتحقق في الطود يفتح المجال أمام تعميم التجربة على محافظات الصعيد الأخرى، في إطار خطة طموحة لتوفير السكن الكريم لملايين المصريين. هذا المشروع ليس مجرد إسكان، بل استثمار في مستقبل أجيال كاملة. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستكون من المحظوظين الذين سيحصلون على منزل أحلامهم في الموجة القادمة؟
