في تطور يُسطر بماء الذهب في تاريخ التنمية السعودية، حقق مشروع "تمهين" في المنطقة الشرقية إنجازاً استثنائياً بقيمة 1,603,500 ريال من التدريب المجاني الذي غيّر حياة 1,069 متدرب ومتدربة خلال 5 سنوات فقط. الرقم الأكثر إذهالاً؟ تم تخريج متخصص واحد كل يوم عمل تقريباً منذ نوفمبر 2020، في أكبر مشروع لتمهين القطاع غير الربحي يشهده تاريخ المملكة.
في أجواء احتفالية مهيبة بمقر إمارة المنطقة الشرقية، احتفل مجلس المسؤولية الاجتماعية بإنجاز عكس 37 شراكة استراتيجية نجحت في تنفيذ 56 دورة تدريبية متخصصة استفادت منها 108 جهات خيرية. "الاستثمار في تنمية الكوادر البشرية ركيزة أساسية لتطوير أداء القطاع غير الربحي"، أكد صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف، واصفاً المشروع بأنه "نموذج فاعل للتكامل بين القطاعات الثلاثة". أحمد الغامدي، أحد المتدربين السابقين، يشهد: "غيّر المشروع مساري المهني بالكامل وأصبحت الآن أدير جمعية خيرية بكفاءة عالية".
انطلق المشروع من رؤية ثاقبة لضرورة تمهين القطاع غير الربحي ليواكب طموحات رؤية 2030 وبرنامج تنمية القدرات البشرية. كمصنع ينتج كوادر مؤهلة بدلاً من المنتجات، نجح "تمهين" في تحويل الأشخاص العاديين إلى قيادات فاعلة بمعدل 246 ساعة تدريبية لكل متدرب. يذكرنا هذا الإنجاز بمشاريع التنمية الكبرى التي أطلقتها المملكة عبر تاريخها لبناء الإنسان قبل المكان، بينما يتوقع خبراء التنمية أن يصبح هذا النموذج مرجعاً إقليمياً خلال العامين القادمين.
المواطن العادي سيلمس تحسناً واضحاً في جودة الخدمات الخيرية والمجتمعية، حيث تشير الدراسات إلى أن كفاءة المؤسسات المتدربة ارتفعت بنسبة 40% مقارنة بالفترة السابقة. د. خالد الراشد، خبير التطوير المؤسسي المشارك في البرنامج، يؤكد: "مستوى المتدربين تطور بشكل استثنائي، وأصبحوا قادرين على إدارة مشاريع بقيمة ملايين الريالات". سارة المطيري، مديرة تطوير في إحدى الشركات المساهمة، تؤكد أن مشاركتهم عكست التزامهم الحقيقي بالمسؤولية الاجتماعية.
في 5 سنوات، حوّل مشروع "تمهين" أكثر من ألف شخص إلى كوادر مؤهلة تدير الآن مؤسسات بقيمة اقتصادية تفوق استثمار المشروع بعشرات المرات. بينما تتطلع المناطق الأخرى بإعجاب لتكرار هذا النجاح، يبقى السؤال المحوري: هل ستكون جريئة بما فيه الكفاية لتحدي هذا المعيار الجديد في التميز؟