للمرة الثانية خلال أسبوع واحد، تواجه المدينة المنورة عاصفة استثنائية هزت هدوء المدينة المقدسة، حيث أصدر المركز الوطني للأرصاد إنذاراً أحمر - أعلى مستوى تحذير - محذراً من أمطار رعدية غزيرة وسيول جارفة ورياح مدمرة. السكان مطالبون بالبقاء في منازلهم والتأهب لساعات حرجة قادمة، فيما تتأهب المدينة لمواجهة ظاهرة جوية نادرة قد تغير وجهها لأيام.
في مشهد مذهل لم تشهده المدينة المنورة منذ عقود، تحولت شوارعها لأنهار صغيرة وأصوات الرعد تدوي فوق قباب المسجد النبوي، بينما تهب الرياح النشطة بقوة المروحة العملاقة مؤثرة على الرؤية ومهددة بسقوط البرد. "لم أشهد مثل هذه الأمطار في المدينة خلال 30 عاماً من إقامتي هنا"، تقول فاطمة الحربي وهي تراقب المطر الغزير من نافذة منزلها. أحمد المطيري، سائق الأجرة ذو الـ45 عاماً، اضطر لإيقاف عمله تماماً بسبب الرؤية شبه المنعدمة والطرق المتضررة.
تأتي هذه العاصفة ضمن سلسلة تحذيرات أصدرها المركز الوطني للأرصاد حول حالة مناخية استثنائية تؤثر على المملكة خلال شهر ديسمبر 2025، حيث تسجل معدلات أمطار تفوق المستوى الطبيعي بشكل كبير. د. محمد العتيبي، أستاذ علوم الطقس، يؤكد أن هذه الظاهرة تشبه أمطار الرياض الاستثنائية عام 2018 التي أغرقت الشوارع وعطلت الحياة لأيام، محذراً من احتمالية تكرار هذه التقلبات الجوية الحادة.
بينما تواصل د. سارة الأحمدي، خبيرة الأرصاد في المركز الوطني، عملها على مدار الساعة لرصد التطورات وإصدار التحذيرات، يعيش سكان المدينة بين القلق والإعجاب بالمناظر النادرة. الحجاج والمعتمرون يواجهون صعوبات في الوصول للحرم النبوي، فيما تتأثر الأنشطة التجارية وتنقطع بعض الخدمات. كمية الأمطار المتوقعة تعادل استهلاك مدينة صغيرة من المياه لشهر كامل، مما قد يؤدي لتحسن مستوى المياه الجوفية رغم التحديات الآنية.
مع استمرار الرعد في الدوي فوق المدينة المقدسة وتساقط البرد بشكل نادر، تبقى التوقعات تشير لاستمرار هذه الحالة الاستثنائية لساعات قادمة. المركز الوطني للأرصاد يحث المواطنين على اتباع تعليمات السلامة ومتابعة التحديثات الرسمية، بينما تطرح هذه الأحداث سؤالاً محورياً: هل ستشهد المدينة المقدسة المزيد من هذه العواصف الاستثنائية؟ الوقت وحده سيجيب، لكن التأهب واجب الآن.
