في تطور صادم هز الأوساط الإعلامية المصرية والعربية، تحولت الإعلامية هبة الزياد من ضحية ابتزاز إلكتروني إلى جثة هامدة في أسابيع قليلة فقط. امرأة أنجزت 32 برنامجاً تلفزيونياً في مسيرة قصيرة - ما لا ينجزه آخرون في عقود - قضت نحبها فجر الخميس الماضي في ظروف تثير تساؤلات مرعبة حول العلاقة بين التهديدات التي تعرضت لها ووفاتها المفاجئة. الساعة تدق منذراً: كل دقيقة تمر دون كشف الحقيقة تزيد احتمالية سقوط ضحايا جدد.
في الساعات الأولى من فجر مشؤوم، صمت قلب ينبض بالعطاء والإبداع إلى الأبد. هبة الزياد، التي قدمت طيفاً واسعاً من البرامج التلفزيونية شمل المحتوى الاجتماعي والنسائي، سقطت ضحية "هبوط حاد في الدورة الدموية وتوقف مفاجئ في القلب" دون علامات مرضية واضحة. "لم تُبدِ أي تدهور صحي وكانت تتابع أعمالها بصورة طبيعية" - كما أكدت المصادر المقربة، مما جعل الخبر ينتشر كالصاعقة عبر منصات التواصل. سارة محمد، متابعة مخلصة من الإسكندرية، تقول بحزن: "كانت هبة مثلي الأعلى في الجرأة والوضوح... لا أصدق أنها رحلت".
قصة مأساوية بدأت قبل أسابيع قليلة عندما كشفت هبة في فيديو مؤثر عن تعرضها لحملة ابتزاز وتهديدات من جهات مجهولة. الفيديو، الذي أظهرها متوترة رغم محاولاتها الحفاظ على هدوئها، فضح البيئة الرقمية العدائية التي تواجهها الإعلاميات في المنطقة. د. محمد الشريف، أستاذ الإعلام، يحذر: "ما حدث لهبة جرس إنذار خطير - ضعف القوانين الحمائية يترك الإعلاميين فريسة سهلة للمبتزين". تذكرنا القضية بحوادث استهداف مشابهة لإعلاميين آخرين، لكن التوقيت المريب بين التهديدات والوفاة يثير شكوكاً لم تُحسم بعد.
اليوم، موجة خوف تسود أوساط الإعلاميات العربيات، بينما تتراجع الجرأة في طرح القضايا الحساسة خشية التعرض لنفس المصير. أحمد علي، مخرج عمل معها، يروي بألم: "في الأيام الأخيرة كانت تبدو مرهقة ومتوترة رغم ابتسامتها المعتادة". د. أميرة حسن، خبيرة نفسية، تؤكد: "هبة واجهت الابتزاز بشجاعة نادرة، لكن الضغط النفسي كان أكبر من طاقة أي إنسان". النتيجة المرعبة:
- تشديد مطالب بمراجعة شاملة لقوانين الجرائم الإلكترونية
- دعوات لحماية أقوى للشخصيات العامة
- خوف متنامٍ يهدد حرية التعبير الإعلامي
بين الحزن والغضب والتساؤلات المؤلمة، تبقى قضية هبة الزياد اختباراً حقيقياً لضمير مجتمعنا الرقمي. إعلامية موهوبة كرست حياتها لتمكين المرأة ومناقشة قضايا المجتمع، تحولت من صوت للحق إلى صرخة استغاثة لم نسمعها في الوقت المناسب. هل ستكون هبة آخر ضحايا التنمر الإلكتروني، أم بداية لمواجهة حقيقية تحمي الأبرياء؟ الوقت حان لتحويل دموعنا إلى قوانين، وحزننا إلى فعل. السؤال المؤرق يبقى: كم من "هبة زياد" أخرى نحتاج أن نفقد قبل أن نستيقظ من غفلتنا القاتلة؟