في تطور تاريخي طال انتظاره لسنوات، أنهت الخطوط الجوية اليمنية رسمياً عصر التذاكر المزدوجة الإجبارية، محررة آلاف المسافرين من عبء مالي كان يكلفهم مئات الدولارات الإضافية في كل رحلة. 500 دولار! هذا ما كان يضطر المسافر اليمني لدفعه إضافياً كتذكرة عودة إجبارية حتى لو لم يكن متأكداً من موعد عودته. اليوم، وبقرار ساري المفعول منذ 28 نوفمبر، يمكن لأي مسافر يمني أن يحجز تذكرة ذهاب فقط إلى المملكة العربية السعودية، في خطوة ثورية تعيد تعريف مفهوم حرية السفر.
"لم أصدق الخبر في البداية، كنت أظن أنه مجرد شائعة"، يقول أحمد المقطري، 35 سنة، الذي يعمل في الرياض ويزور أسرته في صنعاء كل ثلاثة أشهر. لسنوات طويلة، كان أحمد مجبراً على دفع تكلفة تذكرة العودة مقدماً رغم عدم تأكده من موعد العودة الدقيق. واليوم، يبتسم وهو يحكي عن راحة نفسية لم يشعر بها منذ سنوات: "أخيراً أستطيع التخطيط لرحلتي دون قلق مالي أو ضغط زمني." وفي إضافة مفاجئة، أعلنت الخطوط اليمنية عن رحلة أسبوعية ثالثة على خط عدن-الرياض كل خميس، مما يزيد الخيارات أمام المسافرين بنسبة 50%.
خلف هذا القرار المفصلي، قصة طويلة من المعاناة والشكاوى المتراكمة. فلسنوات، ظل المسافرون اليمنيون أسرى تعميم قديم فرض عليهم حجز تذكرة ذهاب وعودة معاً، مما شكل عبئاً مالياً حقيقياً خاصة للعائلات محدودة الدخل. د. فؤاد العولقي، خبير الطيران المدني، يصف القرار بأنه "تحول جذري سيزيد حركة السفر بنسبة 30% على الأقل". ويضيف: "هذا القرار يضع الخطوط اليمنية في مصاف الشركات المتقدمة التي تراعي ظروف مسافريها." ويؤكد صدام الجائفي، المدير الإقليمي للشركة في الرياض، أن "تشغيل الرحلة الجديدة يأتي ضمن خطط طموحة لتلبية احتياجات المسافرين وتخفيف الضغط على الرحلات الحالية."
في الشوارع وصالات المطارات، بدأت ملامح التغيير تظهر بوضوح. فاطمة الحضرمية، التي تسافر دورياً للعلاج في جدة، تصف الشعور بكلمات مؤثرة: "كنت أعيش قلقاً دائماً من حجز تذكرة العودة دون معرفة متى سينتهي علاجي. اليوم أشعر بحرية حقيقية لأول مرة." هذا التغيير لا يقتصر على التوفير المالي فحسب، بل يمتد إلى راحة نفسية عميقة تمنح المسافرين مرونة في التخطيط والحركة. من المتوقع أن يستفيد من هذا القرار آلاف العمال اليمنيين في السعودية، والمرضى الساعين للعلاج، والتجار المتنقلون بين البلدين. الرحلة الجديدة كل خميس ستوفر 1,200 مقعد إضافي شهرياً، مما يلبي الطلب المتزايد ويقلل ضغط الانتظار.
هذا القرار التاريخي لا يمثل مجرد تسهيل إداري، بل نقلة حضارية في مفهوم خدمة المسافرين وبداية عصر جديد من المرونة والراحة. مع بدء تطبيق النظام فورياً وإضافة الرحلة الثالثة، تفتح الخطوط اليمنية صفحة جديدة مليئة بالآمال والتطلعات. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل ستكون هذه الخطوة بداية تحول شامل في قطاع الطيران اليمني، أم أن المسافرين بحاجة إلى المزيد من الثورات الصغيرة لتحقيق راحتهم الكاملة؟