في تطور مأساوي يحبس الأنفاس، يكافح قلب صغير يخفق بـ 20% فقط من قدرته الطبيعية من أجل البقاء، بينما تضحك شقيقته التوأم في الغرفة المجاورة وكأن شيئاً لم يحدث. خلال 14 يوماً فقط، تحولت معجزة طبية أذهلت العالم إلى سباق محموم مع الزمن لإنقاذ حياة طفلة لا تتجاوز الأشهر القليلة. كل ساعة تمر قد تكون الفارق بين الحياة والموت لأزورا الصغيرة التي تحتاج لزراعة قلب خلال أيام معدودة، وإلا فإن المصير محتوم.
بعد أسبوعين من العملية الجراحية المعقدة التي أجراها 25 طبيباً وممرضاً في مستشفى الملك عبدالله التخصصي، تحولت قصة النجاح إلى دراما إنسانية مؤثرة. أزاريا إيلسون تأكل وتلعب كأي طفلة طبيعية، خرجت من العناية المركزة وباتت جاهزة للعودة إلى جامايكا. لكن في الجهة المقابلة، تصارع شقيقتها التوأم أزورا الموت على أجهزة التنفس الاصطناعي. "أزورا تحتاج لمعجزة أخرى"، يؤكد د. عبدالله الربيعة بصوت مخنوق بالأسى، بينما تقبلت والدة الطفلتين القرار الطبي الصعب بقلب منكسر وإيمان راسخ بقدرة الله.
العملية رقم 67 في البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة تحمل تحدياً استثنائياً يختبر حدود المعجزة الطبية. خلال 35 عاماً من العمل الإنساني النبيل، نجحت السعودية في فصل 66 توأماً ملتصقاً، منحت 152 طفلاً من 28 دولة حول العالم فرصة حياة جديدة. لكن قلب أزورا وُلد مريضاً، يعمل بخُمس قدرته فقط منذ اللحظة الأولى لميلادها، مثل محرك سيارة يحاول أن يعمل على أسطوانة واحدة من أصل خمسة. أطباء القلب المتخصصون أجمعوا: بدون زراعة قلب عاجلة، فرص النجاة ضعيفة جداً، لكن عمر الطفلة ووزنها يجعلان العثور على قلب مناسب أشبه بالمستحيل.
في أروقة المستشفى الصامتة، تتردد أصوات أجهزة التنفس الاصطناعي مختلطة بضحكات أزاريا البريئة، بينما تقف مارلين إيلسون، الأم الجامايكية البسيطة التي سافرت آلاف الأميال حاملة أملاً بحياة أفضل لطفلتيها، تواجه اليوم أصعب لحظات حياتها. قصة أزورا تذكر كل أب وأم بنعمة الصحة التي نعتبرها أمراً مسلماً به، وتضع أمام العالم تساؤلاً مؤلماً حول أهمية التبرع بالأعضاء والاستثمار في البحوث الطبية. الحاجة أصبحت ماسة لتطوير بروتوكولات زراعة القلب للرضع، فبين متفائل يؤمن بالمعجزات وواقعي يدرك قسوة الطبيعة، يقف العالم بأسره متابعاً ومترقباً.
نجاح جزئي يحمل أملاً عظيماً وتحدياً أعظم، طفلة تبدأ حياتها الجديدة بقلب سليم بينما تكافح شقيقتها من أجل كل نفس تتنفسه. الأيام القادمة ستحدد ما إذا كانت المعجزة الطبية ستكتمل بنجاة أزورا، أم أن القدر قرر أن تبقى أزاريا الوحيدة التي تحكي قصة التوأم الجامايكي. ادعوا لأزورا... سجلوا أسماءكم في برامج التبرع بالأعضاء، فقد تكونون السبب في إنقاذ حياة طفل آخر في مكان ما من هذا العالم. في زمن يشهد معجزات طبية تحدث كل يوم، هل سنشهد معجزة أخرى تنقذ قلب أزورا الصغير؟ أم أن هناك معارك في الطب أكبر حتى من قدرة أعظم الأطباء؟