في تطور صادم قطع الطريق على مروجي الإشاعات، أكدت وزارة البلديات والإسكان أن فواتير رسوم الأراضي البيضاء ستصدر حتماً في الأول من يناير 2026 - أي خلال أسبوعين فقط. هذا الإعلان الحاسم جاء ليدحض ادعاءات انتشرت كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل حول تأجيل تطبيق الرسوم لأربع سنوات قادمة. الآن، آلاف ملاك الأراضي البيضاء في الرياض يواجهون رسوماً قد تصل إلى 10% من قيمة أراضيهم سنوياً، في قرار قد يغير وجه العقار السعودي إلى الأبد.
أحمد المالكي، مهندس في الأربعينات، يروي قصة استثماره في أرض بشمال الرياض: "اشتريت الأرض بمدخرات 15 سنة، والآن أواجه رسوماً قد تصل إلى 200 ألف ريال سنوياً. الوضع كارثي بكل معنى الكلمة." هذا المشهد يتكرر عبر أحياء الرياض، حيث قُسمت الأراضي إلى 5 شرائح برسوم متدرجة تتراوح من 2.5% إلى 10% سنوياً. الأرقام صادمة: عدم التسجيل خلال 60 يوماً المحددة يعني مواجهة غرامات تصل إلى 100% من قيمة الرسوم الأساسية.
القرار ليس وليد اللحظة، بل جزء من استراتيجية حكومية شاملة لمواجهة أزمة الإسكان المستفحلة. منذ إعلان الوزارة في أغسطس الماضي عن تحديد النطاقات الجغرافية، والمضاربون يحاولون المناورة لتجنب هذه الضربة القاضية. د. خالد العقاري، استشاري التطوير العمراني، يؤكد: "هذا القرار سيخفض أسعار الأراضي البيضاء بنسبة 30% خلال العام القادم." المقارنة واضحة: مثلما غيّرت سنغافورة وجهها العمراني بقرارات جريئة مشابهة، تسعى المملكة لكسر احتكار الأراضي الذي خنق أحلام آلاف المواطنين في امتلاك مسكن.
سارة التجارية، مطورة عقارية شابة، ترى في الأزمة فرصة ذهبية: "المطورون الجادون سيستفيدون من انخفاض أسعار الأراضي لتطوير مشاريع سكنية ميسورة." بينما تنتظر فاطمة، الموظفة الحكومية الباحثة عن سكن، بفارغ الصبر تحقق حلمها بامتلاك منزل بسعر معقول. الحكومة وعدت بتوجيه إيرادات الرسوم لدعم مشاريع الإسكان وزيادة المعروض السكني - وعد قد يحول كابوس أزمة الإسكان إلى قصة نجاح تُحكى للأجيال القادمة. التوقعات تشير إلى زيادة المعروض السكني بنسبة 40% خلال السنوات الثلاث القادمة.
رسوم الأراضي البيضاء لم تعد مجرد قرار حكومي، بل نقطة تحول جذرية في تاريخ العقار السعودي. القطار انطلق بسرعة قطار الحرمين، والمحطة القادمة قد تشمل مدناً أخرى في المملكة. المطلوب الآن: على ملاك الأراضي التسجيل فوراً لتجنب الغرامات المضاعفة، وعلى الباحثين عن السكن الاستعداد لعصر جديد من الفرص الإسكانية. السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستكون هذه الرسوم بداية النهاية لأزمة الإسكان في المملكة، أم أننا أمام تحدٍ جديد يتطلب حلولاً إبداعية أخرى؟