في كارثة إنسانية صامتة تعيشها محافظة عدن اليمنية، تغرق المدينة الساحلية في ظلام دامس لمدة 14 ساعة يومياً مقابل ساعتين فقط من الإنارة، ما يعني أن 87.5% من الحياة اليومية تمر في عتمة كاملة. هذا الانهيار المروع في منظومة الكهرباء، الذي يفوق أسوأ توقعات الخبراء، يحدث وسط صمت حكومي مريب وغياب تام للحلول الجذرية، فيما يحذر المختصون من أن الانهيار الكامل قادم خلال أسابيع قليلة.
يروي أحمد الحضرمي، صاحب محل تجاري في عدن، مأساته اليومية: "خسرت نصف بضاعتي بسبب انقطاع التبريد، والباقي يتلف تدريجياً أمام عينيّ." وتكشف الأرقام الصادمة أن 700% زيادة في المعاناة مقارنة بالأوضاع الطبيعية، حيث تعطلت أعمال العشرات من المؤسسات والشركات بشكل كامل. في هذا الواقع المأساوي، تحولت الحياة في عدن إلى "كالعيش في الصحراء بدون واحة"، كما وصفها سالم باحارثة، أحد المواطنين المتضررين.
خلف هذه الكارثة الحالية تقف أزمة مزمنة تعود جذورها إلى سنوات الحرب والانهيار الاقتصادي في اليمن. نقص الوقود المستمر وتوقف محطات التوليد يقفان كالسببين المباشرين، بينما تكتفي الحكومة اليمنية بـ"حلول مؤقتة وإسعافية" حسب المصادر المطلعة. د. محمد الشامي، خبير الطاقة، يحذر بقوة: "الوضع سينهار تماماً خلال شهور إذا استمر هذا التجاهل، وسنشهد أسوأ من أيام الحصار في التسعينيات."
الأسر في عدن تعيش الآن في جحيم يومي، حيث يتصبب العرق من أجسادهم في حر لا يطاق، وتفوح رائحة الوقود من المولدات المتناثرة في كل حي. فاطمة المقطري، ربة منزل تدير مشروع طاقة شمسية صغير لجيرانها، تؤكد: "نعيش مثل القرون الوسطى، لكننا نحاول أن نجد حلولنا بأنفسنا." الخبراء يتوقعون إفلاس المؤسسات الصغيرة خلال أسابيع، وزيادة معدلات البطالة بشكل مخيف، بينما تلوح في الأفق فرصة ذهبية للاستثمار في الطاقة الشمسية والبديلة.
وسط هذا الانهيار الكارثي، تزداد موجة السخط والاستياء الشعبي يوماً بعد يوم، فيما تصر مؤسسة الكهرباء في عدن على صمتها المطبق ولم تصدر أي تعليق أو توضيح. الوضع الحالي ينذر بكارثة إنسانية واقتصادية شاملة، وسط تحذيرات من نزوح جماعي محتمل إذا لم تتدخل الجهات المعنية فوراً بحلول جذرية. هل ستصبح عدن، المدينة التاريخية العريقة، مدينة أشباح غارقة في الظلام إلى الأبد؟