في مشهد صادم يعكس حجم الأزمة المعيشية في اليمن، سجلت أسواق العاصمة عدن صباح اليوم الإثنين أرقاماً مذهلة وصلت لـ 5000 ريال للكيلو الواحد من الفلفل الحار، في حين ارتفعت أسعار الفواكه بشكل جنوني لتصل لـ 4000 ريال لكيلو التفاح والبرتقال. الفرق بين أغلى وأرخص خضار اليوم تجاوز 600%، والأسر العدنية تعيد حساباتها كل صباح أمام هذا الجنون السعري الذي يخنق الجيوب ويدمر الميزانيات.
في أزقة سوق الحوطة، تتصاعد أصوات الباعة وهم ينادون على أسعارهم المتغيرة، بينما تعلو وجوه المتسوقين علامات القلق والحيرة. أم محمد من كريتر تروي معاناتها وهي تتأمل ميزان التاجر: "كيف أطعم أسرتي المكونة من 5 أفراد عندما يكلفني الكيلو الواحد من التفاح راتب يوم كامل؟" في المقابل، استقرت بعض الخضروات عند مستويات مقبولة نسبياً، حيث سجلت البطاطس والبصل 1000 ريال، والطماطم 2000 ريال، لكن هذا الاستقرار لم يدم طويلاً أمام الارتفاعات الجنونية للجزر والفلفل.
تشبه الحالة الحالية ما شهدته الأسواق اليمنية في أزمة 2020، عندما ضربت موجة مماثلة من التقلبات القوة الشرائية للمواطنين. د. فؤاد الصلاحي، الخبير الاقتصادي، يحذر: "الأسعار تتحرك كأمواج البحر في عدن - صعود وهبوط بلا توقف، وذلك بسبب تراجع قيمة الريال وارتفاع تكاليف الاستيراد والنقل." عبدالله الحاج، تاجر في سوق الحوطة، يؤكد أن التجار أنفسهم محاصرون: "نحن نحاول تقديم أسعار مناسبة، لكن تكاليف الاستيراد ترتفع يومياً."
آلاف الأسر في محافظة عدن تواجه اليوم واقعاً مريراً، حيث تضطر لتغيير عاداتها الغذائية والتنازل عن احتياجات أساسية. سعد العولقي من التواهي يصف يومه: "أصبحت أقارن الأسعار في كل سوق، وأحياناً أعود للبيت بنصف ما خططت لشرائه." رائحة الخضروات الطازجة في الأسواق لم تعد تثير الشهية، بل تمتزج بقلق الأسعار المتزايدة. الوضع يزداد سوءاً مع توقعات الخبراء باستمرار عدم الاستقرار ما لم تتحسن الأوضاع الاقتصادية العامة، مما ينذر بتراجع أكبر في مستوى التغذية.
أمام هذا الواقع المر، تبرز الحاجة الملحة للتكيف والتخطيط المالي الدقيق، بينما تتزايد المطالبات للمسؤولين بإيجاد حلول سريعة وفعالة. الأسر مضطرة للبحث عن بدائل غذائية محلية والتوفير قدر الإمكان. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: حتى متى ستظل الأسر اليمنية رهينة لتقلبات الأسواق وضحية لأزمة اقتصادية لا تبدو نهايتها في الأفق؟