في مشهد يصدم الضمير الإنساني، تعيش العاصمة اليمنية عدن كابوساً حقيقياً حيث يغرق 800 ألف مواطن في ظلام دامس لمدة 14 ساعة يومياً مقابل ساعتي إنارة فقط، في أزمة كهرباء خانقة تحول الحياة إلى جحيم لا يطاق. هذا الوضع الكارثي يعني أن 87.5% من اليوم يمر في عتمة شاملة، جاعلاً من العاصمة المؤقتة أشبه بمدينة أشباح تحتضر ببطء.
كشف مكتب وزارة الإعلام في حكومة المجلس الرئاسي عن تفاصيل مروعة لهذه الأزمة التي تشل الحياة بالكامل، حيث توقفت المؤسسات والشركات عن العمل وانهارت الأنشطة الاقتصادية. فاطمة الحداد، أم لثلاثة أطفال، تروي معاناتها: "أبحث عن الشموع يومياً وأخشى على أدوية والدي المريض بالسكري التي تحتاج للتبريد." المشهد المأساوي يتكرر في كل بيت، حيث تضطر العائلات للعيش كما لو كانت في القرن الثامن عشر، بساعتي كهرباء أقل من وقت مشاهدة فيلم واحد في اليوم!
الأزمة ليست وليدة اليوم، بل تراكمت عبر سنوات من الحرب والإهمال المنهجي للبنية التحتية منذ 2015، حيث دمرت شبكات الكهرباء ونفد الوقود وتوقفت الصيانة. د. عبدالله النمري، خبير الطاقة، يحذر: "نحن أمام انهيار كامل محتمل للشبكة خلال الأشهر القادمة إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة." هذا الوضع المتفاقم يجعل عدن في حالة أسوأ من مناطق لم تصلها الكهرباء أصلاً، حيث يعيش الناس على وعود حكومية فارغة منذ أعوام.
الحياة اليومية تحولت إلى صراع من أجل البقاء، حيث يضطر المواطنون لتغيير أنماط نومهم وعملهم بالكامل. أحمد القادري، صاحب محل أدوية، فقد نصف بضاعته بسبب انقطاع التبريد، قائلاً: "كيف أحافظ على الأدوية المبردة بساعتي كهرباء فقط؟" المشاهد في الشوارع مفجعة: طوابير أمام محطات الوقود للمولدات، أصوات صاخبة تملأ الليل، وأطفال يبكون في الظلام. بينما يحاول محمد السالم، مهندس كهرباء متقاعد، إصلاح أعطال الحي مجاناً كبطل صامت في زمن اليأس، تتفاقم التوقعات بهجرة جماعية وانهيار اقتصادي شامل.
عدن تغرق في ظلام يهدد وجودها كعاصمة مؤقتة، والوضع يتطلب تدخلاً عاجلاً من الحكومة والمجتمع الدولي قبل أن تتحول المأساة إلى كارثة إنسانية لا رجعة فيها. السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل ستبقى العاصمة اليمنية رهينة هذا الظلام الدامس، أم ستجد أخيراً النور في نهاية هذا النفق المظلم؟