في تطور اقتصادي مذهل هز أسواق الصرف اليمنية، شهد الريال اليمني تحسناً مفاجئاً للمرة الأولى منذ سنوات طويلة من المعاناة، بينما كشفت الأرقام عن هوة صادمة تقدر بـ 1083 ريال في سعر الدولار الواحد بين شطري البلاد. هذا التطور العاجل يثير تساؤلات مصيرية: هل نشهد فجر انتعاش حقيقي أم مجرد بصيص أمل مؤقت في نفق الأزمة المظلم؟
في مشهد نادر لم تشهده أسواق عدن منذ فترة طويلة، انخفضت أسعار الدولار الأمريكي إلى مستويات مفاجئة، حيث سجل 1618 ريالاً للشراء و1636 ريالاً للبيع، فيما بلغ الريال السعودي 425 ريالاً للشراء. يقول خالد التاجر وهو يراقب شاشات الأسعار بحذر: "لأول مرة منذ شهور أرى اللون الأخضر على شاشة أسعار الصرف، لكنني لا أزال أحتاج لتأكيدات أكثر." في المقابل، حافظت صنعاء على استقرارها بأسعار مختلفة تماماً تكشف عمق الانقسام الاقتصادي.
خلف هذا التحسن المفاجئ تكمن قصة معاناة امتدت لأكثر من 8 سنوات من التدهور المستمر، حيث فقد الريال اليمني أكثر من 80% من قيمته منذ بداية الحرب. الأسباب الدقيقة لهذا التطور تبقى غامضة، مما يضفي مزيداً من الغموض والترقب على الأسواق. يشبه المحللون هذا التحسن بـ"بصيص ضوء في نفق الأزمة الاقتصادية المظلم"، لكنهم يحذرون من أن الفجوة الصادمة بين الشمال والجنوب تفوق الفجوة بين أقوى العملات العالمية.
بالنسبة لـفاطمة، أم لثلاثة أطفال من عدن، فإن هذا التحسن يعني الكثير: "أخيراً قد نستطيع شراء الحليب دون قلق، لكنني خائفة من أن تعود الأمور كما كانت." هذا الخوف المبرر يعكس حالة الترقب الحذر التي تجتاح الشارع اليمني، خاصة مع توقعات المختصين المتباينة حول استدامة هذا التطور. التحسن المؤقت في القوة الشرائية قد يؤدي لانخفاض أسعار السلع الأساسية، لكن الخبراء يحذرون من التفاؤل المفرط.
رغم موجة الأمل الحذر التي تجتاح أسواق الصرف، تبقى الأسئلة الكبرى معلقة: هل سيستمر هذا التحسن ليكون بداية الخروج من النفق الاقتصادي المظلم، أم أنه مجرد تقلب عابر قبل عاصفة أشد؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة، والحكمة تقتضي المتابعة الدقيقة والحذر في اتخاذ القرارات المالية الكبيرة. هل هذا فجر جديد للاقتصاد اليمني أم مجرد سحابة صيف عابرة؟