بعد انتظار مؤلم دام 60 يوماً كاملاً، تنفس آلاف الموظفين في حضرموت الصعداء أخيراً! في تطور مفاجئ أنهى معاناة استمرت شهرين، أعلنت السلطات المحلية بدء صرف مرتبات أكتوبر لـ16 قطاعاً حكومياً حيوياً، في خطوة وُصفت بـ"بارقة الأمل" وسط أزمة اقتصادية خانقة. لكن السؤال الأهم يبقى معلقاً: متى ستصل مرتبات نوفمبر وديسمبر؟
في صباح الأول من ديسمبر، انتشرت رسائل SMS من البنوك كالنار في الهشيم، حاملة البشرى المنتظرة لآلاف الموظفين. أحمد المهري، موظف في وزارة الصحة وأب لأربعة أطفال، لم يستطع كتم دموعه: "كنت أنتظر هذا الراتب لسداد إيجار المنزل ومصاريف المدارس. شعرت وكأن الحياة عادت إلي مرة أخرى." المشهد تكرر في 16 قطاعاً حكومياً، من الصحة والتعليم إلى الزراعة والسياحة، حيث امتلأت مكاتب الصرف بوجوه مبتسمة بعد شهور من الانتظار المرير.
هذا التأخير ليس جديداً، فمنذ اندلاع الصراع عام 2014، تحولت الرواتب الحكومية من حق مكفول إلى "معجزة شهرية" نادرة الحدوث. د. محمد العولقي، الخبير الاقتصادي، يؤكد: "صرف رواتب 16 قطاعاً دفعة واحدة في ظل التوترات الأمنية الأخيرة يُعد إنجازاً حقيقياً." القطاعات المشمولة تضم وزارات الصحة والأشغال العامة والصناعة والأوقاف والإعلام وغيرها، في عملية وُصفت بالأضخم منذ شهور في المحافظة النفطية الاستراتيجية.
على أرض الواقع، شهدت الأسواق المحلية انتعاشاً فورياً، حيث تمكنت العائلات أخيراً من شراء الضروريات المؤجلة منذ أسابيع. فاطمة سالم، زوجة موظف حكومي، تصف اللحظة: "سمعت رنة الهاتف وإشعار البنك، صرخت فرحاً وجرى أطفالي نحوي. أخيراً سنتمكن من دفع فواتير الكهرباء والماء." لكن وسط هذه الفرحة، يبقى الخوف من المستقبل مُخيماً، فالموظفون يعلمون أن انتظار مرتبات نوفمبر وديسمبر قد بدأ للتو. الخبراء يحذرون: هذا انتصار مؤقت في معركة اقتصادية طويلة، والحل الجذري يتطلب استقراراً أمنياً واقتصادياً شاملاً.
صرف مرتبات 16 قطاعاً بعد تأخير شهرين يُعيد الأمل، لكن لا يضمن المستقبل. السؤال المصيري الذي يشغل بال كل موظف حكومي في حضرموت: هل سينتظم الصرف أخيراً، أم سنعود لدوامة الانتظار المؤلم؟ الراتب وصل اليوم... لكن ماذا عن الغد؟