في لحظات مرعبة لن تُمحى من ذاكرة أهالي المكلا، تحوّل مستشفى العرب من بيت شفاء إلى جحيم مشتعل خلال 30 دقيقة فقط، في حريق ضخم اجتاح المبنى واستدعى إخلاءً طارئاً لجميع المرضى والطاقم الطبي. المعجزة الحقيقية أن هذا الكابوس المدمر انتهى دون ضحايا، لكن المكلا تدفع اليوم ثمناً باهظاً بفقدان 30% من طاقتها الاستيعابية الصحية.
في مساء هادئ بدا عادياً، تحوّلت لحظات الأمل في أروقة مستشفى العرب إلى كابوس مرعب لا يُنسى. "رأيت النار تلتهم قسم الأطفال.. كان مشهداً لا يُصدق" يروي سعد المحضار، الممرض الذي شاهد انتشار النيران بسرعة البرق عبر الممرات. وسط صرخات المرضى وأصوات صفارات الإنذار، ظهرت بطولة حقيقية للنقيب أحمد العامري وفريق الإطفاء الذين قادوا عمليات الإخلاء رغم نقص المعدات الفادح.
لكن هذه الكارثة لم تأتِ من فراغ، فالمكلا تعاني منذ سنوات من ضعف البنية الصحية وقلة الصيانة الدورية لأنظمة السلامة. خبراء السلامة الطبية حذروا مراراً من هذا السيناريو الكارثي، والآن تتكرر مأساة مستشفى ابن الخطيب في بغداد التي راح ضحيتها 82 شخصاً عام 2021. د. سالم بافضل، خبير السلامة الطبية، أكد أن إهمال أنظمة الإطفاء ونقص التمويل حوّل مستشفياتنا إلى قنابل موقوتة.
الكارثة الحقيقية تبدأ الآن، حيث سيضطر آلاف المرضى للسفر ساعات طويلة للحصول على العلاج الأساسي، بينما تشهد المستشفيات المجاورة ازدحاماً خانقاً قد يكلف أرواحاً أخرى. أم محمد، البالغة من العمر 65 عاماً ومريضة السكري، تم إخلاؤها على كرسي متحرك وسط الدخان الكثيف، "كنت أشعر بأنني سأموت اختناقاً، لكن الممرضين أنقذوا حياتي". العائلات تجري في الشوارع بحثاً عن ذويها، والمرضى ينامون على الأرصفة في مشاهد تحطم القلب.
بينما تبحث السلطات عن أسباب الحريق الغامضة، يبقى السؤال المرعب: كم مستشفى أخرى في حضرموت واليمن تنتظر نفس المصير المدمر؟ الوقت ينفد سريعاً، والتحرك الفوري لفحص جميع المستشفيات وتطوير أنظمة السلامة بات ضرورة حياة أم موت. فمن سيدفع الثمن في الكارثة القادمة؟