الرئيسية / مال وأعمال / حصري: تحقيق يكشف كيف تنهب شبكات الفساد 250 مليون دولار من معادن اليمن سنوياً
حصري: تحقيق يكشف كيف تنهب شبكات الفساد 250 مليون دولار من معادن اليمن سنوياً

حصري: تحقيق يكشف كيف تنهب شبكات الفساد 250 مليون دولار من معادن اليمن سنوياً

نشر: verified icon مروان الظفاري 02 أكتوبر 2025 الساعة 02:30 مساءاً

في فضيحة تهز الضمير العربي، تكشف وثائق سرية عن نزيف اقتصادي صامت ينهك اليمن منذ عقد كامل، حيث تنهب شبكات إجرامية منظمة ما يصل إلى 250 مليون دولار سنوياً من المعادن والأحجار الكريمة. هذا الرقم الصادم يعادل تكلفة بناء 100 مستشفى حديث أو 500 مدرسة سنوياً، بينما يتضور أطفال اليمن جوعاً ويموتون من أمراض يمكن علاجها بدولارات قليلة. الخبير الاقتصادي فارس النجار يصرخ محذراً: "كل دقيقة تمر، نخسر 475 دولاراً من ثروات شعبنا"، في مأساة تحول بلداً يزخر بالكنوز إلى أفقر دولة في المنطقة.

التحقيق الاستقصائي الصادم الذي أجرته "الجزيرة نت" يكشف عن شبكة إجرامية معقدة تضم رجال أعمال نافذين وقيادات قبلية وسياسية فاسدة، يديرون إمبراطورية نهب حقيقية. سالم العولقي، سائق شاحنة سابق من شبوة، يروي بصوت مرتجف: "رأيت بعيني شحنات تخرج في جنح الظلام، صناديق ثقيلة مخفية تحت أكياس الخضار والفواكه". المعادن المنهوبة تشمل العقيق النادر، الكوارتز المتلألئ، الذهب الخالص، والرمال السوداء المستخدمة في الصناعات المتقدمة. أحمد المحلمي، أب لستة أطفال من تعز، يبكي وهو يقول: "أبحث عن عمل منذ ثلاث سنوات، بينما ثروات بلادي تملأ جيوب اللصوص".

المأساة الحقيقية تكمن في أن هذا النهب المنظم يجري منذ بداية الحرب قبل عقد تقريباً، مما يعني أن إجمالي الثروات المسروقة قد يصل إلى 2.5 مليار دولار. د. محمد الأثري، خبير المعادن النادرة، يؤكد أن "اليمن يضم كنوزاً طبيعية تكفي لتحويله إلى سنغافورة العرب خلال عقدين". لكن بدلاً من ذلك، تستغل شبكات التهريب الفوضى الأمنية وغياب الرقابة الحكومية لتحويل هذه الثروات إلى حسابات خارجية في الصين وتايلند وسريلانكا. الطلب العالمي المتزايد على الأحجار النادرة، خاصة الإيولايت والجاد اليمني، يضاعف من جشع المهربين ويوفر لهم قنوات تصريف آمنة وسريعة.

الأكثر إيلاماً أن كل دولار مهرب كان يمكن أن يشتري ثلاث وجبات للأطفال الجوعى، أو يوفر الدواء لعشرة مرضى. خبراء اقتصاديون يحذرون من أن استمرار هذا النزيف سيؤدي إلى انهيار اقتصادي كامل خلال العقد القادم، مع نزوح جماعي للسكان وفقدان كامل للأمل في المستقبل. عمليات التهريب تتم عبر مسارات متطورة من مناجم بدائية في شبوة وأبين ولحج والبيضاء، باستخدام وثائق مزورة وحماية من قوى نافذة تستفيد من اقتصاد الحرب القذر. النتيجة: شعب يموت جوعاً بينما ثرواته تُباع في المزادات العالمية لتثري أباطرة الفساد.

اليوم، نقف أمام مفترق طرق حاسم: إما نوقف هذا النزيف المدمر ونبني مستقبلاً يليق بثروات اليمن الهائلة، أو نشهد اكتمال عملية السطو الأكبر في التاريخ الحديث. المطلوب تدخل عاجل لفرض رقابة صارمة على المنافذ، ومحاسبة جميع المتورطين مهما كانت مواقعهم النافذة، وتطوير استثمار مشروع لهذه الثروات يعود بالنفع على الشعب اليمني المعذب. السؤال الذي يحرق الضمير: هل سيبقى لأطفال اليمن وطن يحلمون به، أم ستكتمل سرقة أحلامهم مع آخر حجر كريم مهرب في جنح الظلام؟

شارك الخبر