في تطور اقتصادي صادم، سجل الدولار الأمريكي مستوى قياسياً جديداً في أسواق الصرف بالعاصمة عدن مساء اليوم، حيث وصل سعر البيع إلى 1630 ريال يمني، بينما استقر الريال السعودي عند 428 ريال للبيع. هذا الارتفاع الجنوني يعني أن راتب الموظف اليمني اليوم لا يشتري ما كان يحصل عليه بـ20 ألف ريال قبل عقد من الزمن، في نزيف مستمر يلتهم القوة الشرائية للمواطنين.
تشهد محلات الصرافة في كريتر والمعلا حركة محمومة، حيث يسارع المواطنون لتحويل مدخراتهم قبل انهيار أكبر. خالد الصراف، أحد تجار الصرافة في كريتر، يؤكد أن "السوق يشهد طلباً متزايداً على الدولار مع شح في المعروض، والفارق البالغ 13 ريال بين البيع والشراء يعكس حالة عدم الاستقرار". بينما تقف فاطمة أحمد، ربة منزل، في طابور طويل أمام أحد المحلات، تحاول بيأس الحصول على دولارات لشراء أدوية طفلها المريض من الخارج.
هذا الانهيار المستمر للريال اليمني يأتي كنتيجة مباشرة للحرب المدمرة التي اندلعت منذ 2015، حين كان الدولار يساوي حوالي 250 ريال فقط. العوامل المؤثرة تشمل نقص العملة الصعبة، فقدان الثقة في المؤسسات الحكومية، والتضخم المتسارع. د. محمد العولقي، الاقتصادي اليمني، يحذر من أن "الوضع مشابه لما حدث في لبنان وتركيا خلال أزماتهما الاقتصادية، وقد نشهد وصول الدولار إلى 2500 ريال دون تدخل عاجل".
التأثيرات الفورية لهذا التدهور تطال كل بيت يمني، فأحمد محمد، الموظف الحكومي براتب 150 ألف ريال شهرياً، يدرك أن راتبه لا يتجاوز 92 دولاراً، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية احتياجات أسرته الأساسية. أسعار الغذاء والدواء ترتفع يومياً، وعمليات تحويل الأموال للخارج تصبح أكثر تكلفة. الخبراء ينصحون المواطنين بتنويع مدخراتهم والاستثمار في أصول ثابتة كالذهب والعقار لحماية أنفسهم من هذا النزيف المالي المستمر.
مع استمرار هذا التدهور الاقتصادي، يقف اليمنيون أمام تحدٍ وجودي حقيقي. المؤشرات تشير إلى مزيد من الانهيار دون حلول جذرية عاجلة من الحكومة والمجتمع الدولي. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سينجح اليمنيون في حماية لقمة عيشهم من نيران تدهور العملة المستعرة، أم أن المأساة الاقتصادية ستبتلع ما تبقى من آمالهم في غد أفضل؟