في تطور مؤثر يختصر قصة حب امتدت لأكثر من نصف قرن، يحتفل رجل يمني بذكرى اليوم الوطني الـ95 للمملكة بعد 61 عاماً قضاها شاهداً على تاريخ استثنائي. وصل طفلاً عمره 13 عاماً في عهد الملك فيصل، واليوم هو شاهد حي على 83% من التاريخ السعودي الحديث عبر خمسة عهود ملكية متتالية - رقم يفوق أعمار دول بأكملها!
عبد الوهاب محمد الشعلان، الذي بلغ الرابعة والسبعين من عمره، يروي قصته الاستثنائية بعيون تشع امتناناً: "أتيت إلى السعودية وعمري 13 عاماً على وقت الملك فيصل، ثم عاصرت الملوك خالد وفهد وعبدالله، وآخرهم سلمان". رقم مذهل: 22,265 يوماً قضاها في المملكة، كل يوم منها يحمل ذكرى وتجربة جديدة. د. فهد الحارثي، أستاذ علم الاجتماع، يؤكد: "قصة الشعلان نموذج مثالي للاندماج الناجح الذي نحتاجه اليوم".
رحلة الشعلان بدأت من مكة المكرمة حيث تلقى تعليمه الأولي لست سنوات، قبل أن ينتقل إلى حائل منذ 57 عاماً - فترة تعادل عمر العديد من الدول المستقلة. مثل المهاجرين الأوائل إلى أرض الأحلام، وجد في الجزيرة العربية وطناً ثانياً نمت جذوره فيه كشجرة عملاقة. التنقل بين مكة وحائل والرياض لم يكن مجرد رحلة جغرافية، بل رحلة حياة شهدت تحولات أكبر من تغيير خريطة القارات.
تأثير قصة الشعلان يتجاوز الحدود الشخصية ليصل إلى قلوب ملايين المقيمين والمواطنين على حد سواء. خالد السعودي، جاره منذ عقود، يقول: "نعتبره أخاً وليس مجرد مقيم". هذه الشهادة تعكس نجاح نموذج التسامح السعودي الذي جعل الوافدين يشعرون أنهم في وطنهم. أحمد العامري، مقيم يمني حديث، يجد في قصة الشعلان الإلهام لرحلته الخاصة: "إنه يثبت أن الأحلام ممكنة في هذه الأرض الطيبة".
ولاء الشعلان راسخ كالجبال وحبه للمملكة يتدفق كالأنهار، وكلماته الأخيرة تختصر رحلة عمر: "أشعر أنني في وطني اليمن، وإن قلت شيئاً عن هذا البلد من الطيب والخلق فهو قليل في حقه". في عصر الانقسامات والصراعات، تقف قصة الشعلان كمنارة أمل وتسامح للأجيال القادمة. السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان حب الوطن فطرة، فماذا نسمي حب وطنين في قلب واحد؟