في زمن يفقد فيه 95% من الناس محافظهم دون استردادها، برزت الطفلة اليمنية، فاطمة محمود البركاني، لتعيد رسم الأمل في القيم الإنسانية، بتصرف عجز عنه الكبار… ورد فعل المعلمة صادم وأبكى الحجر. فاطمة، البالغة من العمر 8 سنوات، فاجأت الجميع عندما أعادت مبلغ 100 ريال سعودي كانت قد عثرت عليه أثناء عودتها من المدرسة إلى صاحبة المال، ما أحدث موجة من الإعجاب والاستهجان في آنٍ واحد داخل مجتمعها.
تدرس فاطمة في الصف الثالث الابتدائي بمدرسة جعفر الطيار في مديرية ردفان، وقد أحدث هذا التصرف البسيط ضجة بين المعلمين وإدارة المدرسة والأهالي، إذ يعكس تربيتها الأسرية الرصينة والبيئة المدرسية المشجعة على النزاهة والأمانة.
وقال الأستاذ علي أحمد ناصر، مدير المدرسة: "ما قامت به الطالبة فاطمة هو تجسيد حي لرسالتنا التربوية. نحن لا نُعلّم القراءة والكتابة فقط، بل نُربي الضمائر، ونصنع أجيالًا تحمل همّ المجتمع وتتحلى بالصدق والأمانة. فاطمة أثبتت أن القيم لا ترتبط بالعمر، بل بالوعي والبصيرة".
وتُعتبر هذه الواقعة تذكيراً جذرياً بجذورنا الإنسانية، حيث تستحضر أمانة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة. وقد أكّد الخبراء أن سلوك فاطمة هو نتاج تربية متقنة وبيئة صحية داعمة للقيم.
تأثير الحدث امتد سريعاً إلى المجتمع المحلي، حيث أصبح حديث الأهالي بالحي والمنطقة، مضيفاً جرعة من الأمل والتفاؤل في زمن قلّ فيه الحديث عن القيم. ومن المتوقع أن تُلهم هذه القصة مدارس أخرى لتطبيق برامج تربوية مشابهة، لتعزيز ثقافة الأمانة بين الأطفال.
وختمت إدارة المدرسة الحدث بتكريم الطالبة فاطمة، فيما قالت والدتها: "فخورة جدًا بابنتي، ولكنني لست متفاجئة. نحن في البيت نُذكّر أطفالنا دائمًا بأن المال ليس مقياسًا للقيمة، وأن الأمانة تاج على الرؤوس. فاطمة فعلت ما تربّت عليه، وهذا أكبر فخر لنا".
يبقى السؤال الذي يطرح نفسه: هل سنتمكن من تذكر هذا الدرس وتطبيقه في حياتنا اليومية، أم سنترك هذه اللحظة تُمحى كما تُمحى غيرها من الدروس المستفادة؟