تستمر قضية الاحتكار في أسواق الخضروات والفواكه بعدن للعام الثامن على التوالي، حيث تشير التقارير إلى سيطرة شخصية متنفذة على السوق المركزي منذ عام 2017، في الوقت الذي تعلن فيه الحكومة اليمنية عن إجراءات جديدة لضبط الأسعار ومواجهة الممارسات الاحتكارية.

يثير استمرار هذا الوضع تساؤلات جدية حول فعالية الأجهزة الرقابية الحكومية في اليمن. فبينما تؤدي الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة دورها في فحص واردات السلع عبر المنافذ المختلفة، وتخضع المنتجات لإجراءات الفحص والاختبار لضمان مطابقتها للمواصفات القياسية، إلا أن هذه الجهود تفتقر إلى مراقبة آليات التسعير والاحتكار في الأسواق المحلية.

السيطرة المطلقة على سوق الخضار والفواكه تمنح هذه الشخصية المتنفذة قدرة على التحكم في الأسعار دون مواجهة أي منافسة حقيقية. هذا النوع من الممارسات يشكل انتهاكاً واضحاً لحقوق المستهلكين ومبادئ اقتصاد السوق الحر، خاصة عندما يمتد لفترة تجاوزت خمس سنوات دون تدخل فعال من الجهات المختصة.

تفاقمت المشكلة مع ارتفاع أسعار الخضروات عدن بشكل متفاوت، حيث سجلت البطاطس والطماطم 1000 ريال للكيلو الواحد، بينما استقر البصل عند 900 ريال. في المقابل، شهدت أصناف أخرى ارتفاعات حادة مثل الجزر والفلفل الحار والبامية التي بلغت 3000 ريال للكيلو.

وقد شهدت أسعار الفواكه عدن تقلبات أكثر حدة، حيث قفزت أسعار التفاح والبرتقال إلى 5000 ريال للكيلو، بينما سجل الموز 1200 ريال والبطيخ 1500 ريال. هذه التفاوتات الكبيرة في الأسعار تعكس عدم استقرار السوق وتأثير الممارسات الاحتكارية على المواطنين.

في استجابة رسمية لهذه التحديات، اطلع رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك من وزير الزراعة والري والثروة السمكية سالم السقطري على إجراءات الرقابة على أسعار الأسماك والمنتجات الزراعية. جاء هذا التحرك في ضوء التحسن الملموس في سعر صرف العملة الوطنية، والحاجة لضمان انعكاس ذلك مباشرة على حياة المواطنين.

شدد رئيس الوزراء على أن تحسين معيشة المواطنين وخفض أسعار السلع الأساسية، وفي مقدمتها الأسماك والخضروات والفواكه واللحوم، يمثل أولوية قصوى للحكومة. وأكد أن استقرار سعر الصرف ليس هدفاً بحد ذاته، بل وسيلة لتخفيف الأعباء المعيشية، وردع أي ممارسات احتكارية أو تلاعب بالأسعار.

وجه رئيس الوزراء بزيادة وتيرة النزول الميداني لفرق الرقابة والتفتيش، وتعزيز التنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة والسلطات المحلية والغرف التجارية وجمعيات الصيادين والمزارعين، لضبط الأسواق وتحقيق التوازن بين مصالح المنتجين والمستهلكين.

تعكس البيانات الواردة من سوق الجملة في المنصورة بعدن التباين الكبير في مصادر المنتجات، حيث تأتي البطاطس من إب وذمار، والطماطم من ذمار، والبصل الأحمر من لحج وحضرموت والجوف ومأرب. هذا التنوع في المصادر يشير إلى إمكانية كسر الاحتكار من خلال تفعيل منافذ توريد متعددة.

أكد وزير الزراعة والري والثروة السمكية الالتزام بتوجيهات رئيس الوزراء والتنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة والسلطات المحلية في عدن والمحافظات المحررة لضبط أسعار الأسماك والخضروات والفواكه واللحوم والدواجن. كما أشار إلى خطط الوزارة لمراقبة الأسواق، وتسهيل عمليات تسويق وتوزيع المنتجات المحلية، ودعم المبادرات الهادفة إلى تنمية قطاعي الزراعة والثروة السمكية.

يشكل التزام الحكومة بمواجهة الاحتكار بكل الوسائل القانونية خطوة مهمة نحو حماية حقوق المستهلكين. إلا أن نجاح هذه الجهود يتطلب تطبيقاً فعلياً وصارماً للقوانين، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب التي استمرت لسنوات طويلة في أسواق عدن.