تشهد أسواق العقارات في مصر واليمن اضطراباً كبيراً عقب القرار السعودي الأخير بالسماح للأجانب بتملك العقارات، حيث يواجه المستثمرون تحدياً جديداً في تحديد وجهاتهم الاستثماريّة بين السوق السعودي الواعد والأسواق التقليديّة في البلدين. يأتي هذا القرار الاستراتيجي ضمن رؤية 2030 السعوديّة، مما يعيد تشكيل خريطة الاستثمارات العقارية الإقليمية ويثير قلق المطورين العقاريين في مصر واليمن حول مستقبل استثماراتهم.
يُعتبر القرار السعودي نقطة تحوّل جذرية في السياسة العقارية الخليجية، حيث فتح المجال أمام المستثمرين الأجانب للولوج إلى سوق عقاري متنامٍ يتمتع بالاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي المتسارع. هذا التطوّر الاستراتيجي يُنذر بتحولات عميقة في تدفقات رؤوس الأموال العقارية، خاصة من المغتربين العرب العاملين في دول الخليج الذين كانوا يستثمرون تقليدياً في أسواق بلدانهم الأصلية.
تُظهر التحليلات الاقتصادية أن السوق العقاري اليمني سيكون الأكثر تضرراً من هذا القرار، نظراً لاعتماده الكبير على استثمارات المغتربين اليمنيين في السعودية ودول الخليج الأخرى. يشهد السوق اليمني أصلاً ركوداً مزمناً بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية، والآن يواجه تحدياً إضافياً متمثلاً في تحوّل الاستثمارات نحو السوق السعودي الأكثر جاذبية واستقراراً.
في المقابل، تشير التوقعات إلى تراجع محتمل في أسعار العقارات السكنية في المدن اليمنية الرئيسية مثل صنعاء وعدن، حيث قد ينخفض الطلب نتيجة توجه المستثمرين اليمنيين نحو الفرص الجديدة في المملكة. هذا التراجع المتوقع يُضاعف من معاناة القطاع العقاري اليمني الذي يُعتبر ملاذاً آمناً للاستثمار في ظل تقلبات العملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم.
أما بالنسبة للسوق العقاري المصري، فرغم تمتعه بتنوع اقتصادي أكبر وقوة نسبية مقارنة بنظيره اليمني، إلا أنه لن يكون بمنأى عن تأثيرات القرار السعودي. يتوقع خبراء العقارات أن يواجه السوق المصري منافسة شرسة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، خاصة من المصريين العاملين في دول الخليج الذين يشكلون شريحة مهمة من المستثمرين في القطاع العقاري المحلي.
تكمن خطورة الوضع في أن القطاع العقاري المصري كان يشهد نمواً متصاعداً في السنوات الأخيرة، وقد يؤدي تحوّل جزء من الاستثمارات نحو السوق السعودي إلى تباطؤ هذا النمو. المطورون العقاريون المصريون يراقبون بقلق تطورات السوق، خاصة في ظل توقعات بانخفاض الطلب على المشاريع السكنية الجديدة والوحدات الاستثمارية.
يُشير محللون اقتصاديون إلى أن المستثمرين يفضلون دائماً الأسواق التي تجمع بين الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي والبنية التحتية المتطورة، وهي معايير تتحقق بشكل متزايد في السوق السعودي. هذا التفضيل قد يدفع كلاً من مصر واليمن إلى إعادة النظر في استراتيجياتهما العقارية وتقديم حوافز استثمارية جديدة لمواجهة المنافسة المتصاعدة.
يُثير القرار السعودي تساؤلات جدية حول مستقبل الاستثمارات العقارية في المنطقة، حيث يجد المستثمرون أنفسهم أمام خيارات متعددة تتطلب إعادة تقييم شاملة لاستراتيجياتهم. البعض يرى في القرار فرصة ذهبية للاستثمار في سوق واعد، بينما يحذر آخرون من التخلي عن الاستثمارات التقليدية في أسواقهم المحلية.
تتطلب هذه التطورات من الحكومات المصرية واليمنية اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية أسواقها العقارية، بما يشمل تبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتوفير تسهيلات ضريبية جذابة، وتحسين البنية التحتية العقارية. كما يُصبح من الضروري تطوير حزم تحفيزية مبتكرة تضمن استمرار جاذبية هذه الأسواق للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.