بعد انقطاع استمر لأكثر من 15 عاماً، يستعد ميناء نشطون التاريخي في محافظة المهرة اليمنية للعودة إلى خريطة الملاحة البحرية العالمية.
وتتجه الأنظار اليوم نحو هذا المرفأ الاستراتيجي المطل على بحر العرب، حيث بدأت السلطات المحلية خطوات عملية لإعادة تأهيله وتحسين بنيته التحتية في مسعى لاستعادة دوره كشريان اقتصادي حيوي.
وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية متكاملة لتطوير المنافذ البحرية في المحافظة واستثمار موقعها الجغرافي المتميز لجذب المستثمرين وتعزيز الإيرادات العامة.
أهمية إعادة تشغيل الميناء
يمثل إحياء ميناء نشطون نقطة تحول محورية في المشهد الاقتصادي اليمني، لا سيما لمحافظة المهرة التي تتطلع لتعزيز مكانتها كبوابة تجارية رئيسية.
وصرح وكيل محافظة المهرة مختار الجعفري بأن الميناء سيلعب دوراً أساسياً في تحريك عجلة التجارة البحرية وتوفير مصدر دخل مستدام للخزينة المحلية، مما يسهم في تخفيف الضائقة الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة.
وتندرج هذه المبادرة ضمن رؤية أشمل تهدف إلى الاستفادة القصوى من الموقع الاستراتيجي للمحافظة على ساحل بحر العرب. حيث أشارت وكالة سبأ اليمنية الرسمية أن السلطات المحلية تسعى لتحويل الميناء إلى محطة تجارية حيوية تربط اليمن بالأسواق العالمية، وتعيد للبلاد دورها التاريخي كوسيط تجاري مهم بين قارات آسيا وأفريقيا.
التحديات وجهود التطوير:
تواجه عملية إعادة تأهيل ميناء نشطون تحديات متعددة تتراوح بين تقادم البنية التحتية والحاجة إلى تحديث المرافق اللوجستية وتطوير الأنظمة الإدارية.
وقد كشفت زيارة تفقدية قام بها وكيل محافظة المهرة عن حجم الاهتمام الذي توليه السلطات لمختلف مرافق الميناء، حيث تفقد الجعفري العمليات الجارية في الرصيف التجاري والسمكي ومنشآت النفط، إضافة إلى المبنى الجديد لإدارة الميناء التابع لمؤسسة موانئ البحر العربي.
بالتوازي مع جهود التطوير، تجري أعمال لتعزيز الجانب الأمني للميناء من خلال تحديث منظومة المراقبة الإلكترونية وتطوير مواقع خفر السواحل والبحرية.
وتعكس هذه الترتيبات الأمنية فهماً عميقاً لأهمية ضمان سلامة الحركة الملاحية والتجارية، والتي تعد شرطاً أساسياً لاستعادة ثقة الشركات الملاحية العالمية وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة.
التأثير المستقبلي للميناء على التجارة
يُتوقع أن تؤدي عودة نشاط ميناء نشطون إلى إحداث تأثيرات إيجابية متعددة على المشهد التجاري والاقتصادي اليمني. وقد أكد وكيل محافظة المهرة وجود خطة شاملة لتطوير المنافذ الحيوية بالمحافظة، مع التركيز على تحسين الخدمات اللوجستية وتبسيط الإجراءات الجمركية وتقديم التسهيلات اللازمة لاستقطاب التجار والمستثمرين في قطاع الملاحة البحرية.
علاوة على ذلك، من المرتقب أن يسهم تشغيل الميناء في تنشيط حركة الصادرات والواردات اليمنية عبر توفير منفذ بحري إضافي يخفف الضغط عن الموانئ الأخرى.
كما ستتيح هذه الخطوة فرصاً جديدة لتوظيف الشباب المحلي وتنمية المهارات المرتبطة بالأعمال البحرية واللوجستية، فضلاً عن تحفيز نمو القطاعات المرتبطة كالنقل والتخزين والخدمات التجارية، مما يعود بالنفع على اقتصاد المنطقة ككل.
تمثل إعادة تشغيل ميناء نشطون خطوة واعدة نحو إعادة إحياء دور اليمن كلاعب مؤثر في التجارة البحرية الإقليمية.
ومع استمرار جهود تطوير البنية التحتية وتحسين الأداء التشغيلي والخدمي، يمكن لهذا المرفأ الحيوي أن يسهم في تنويع مصادر الدخل وتعزيز صمود الاقتصاد المحلي في وجه التحديات.
إن نجاح هذا المشروع الطموح سيشكل نموذجاً للتعافي الاقتصادي المستدام، ويمهد الطريق لعودة اليمن تدريجياً إلى مكانتها الطبيعية في خريطة التجارة البحرية العالمية.