تمكنت مجموعة قراصنة إلكترونيين تُطلق على نفسها اسم "S4uD1Pwnz" من تنفيذ واحدة من أخطر عمليات الاختراق السيبراني التي شهدتها منطقة البحر الأحمر، حيث نجحت في كسر جميع الحواجز الأمنية لنظام مؤسسة موانئ البحر الأحمر الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، وتمكنت من تسريب بيانات تفصيلية لأكثر من 33 ألف رحلة بحرية.
كشفت العملية عن وجود ثغرات أمنية خطيرة في الأنظمة التقنية التي تدير حركة الملاحة والتجارة البحرية في الموانئ اليمنية، حيث تضمنت البيانات المسربة معلومات حساسة شملت أرقام الرحلات وأسماء البواخر ووكلاء الشحن وبيانات البوالص وأوزان البضائع وطبيعتها.
وفق التقارير المتخصصة، فإن المجموعة لم تكتف بسرقة البيانات، بل تجاوزت ذلك إلى التلاعب المباشر بالنظام من خلال تغيير أسماء الشركات والجهات المسجلة في قواعد البيانات لتحمل اسمها، في خطوة أرادت من خلالها إظهار مدى تحكمها في النظام المخترق. كما تمكن القراصنة من الحصول على معلومات إضافية تشمل أسماء المستخدمين وعناوين الـ IP الخاصة بمديري وموظفي المؤسسة، مما يشير إلى عمق الاختراق ونجاحهم في الوصول إلى المستويات الإدارية العليا للنظام.
يعتبر هذا الاختراق امتداداً لسلسلة من الهجمات السيبرانية المتكررة التي تستهدف البنية التحتية للاتصالات والمعلومات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. فقد سبق لذات المجموعة أن نفذت هجمات على شبكة "يمن نت" في 24 يوليو الماضي، مما تسبب في انقطاع الخدمة لمدة ساعة تقريباً، وتكرر الأمر مجدداً في 11 أغسطس حين توقفت خدمة الإنترنت عبر ADSL لمدة نصف ساعة.
وفقاً لتحليل المختص في الأمن السيبراني فهمي الباحث، فإن تكرار هذه الهجمات يشير إلى أن القراصنة تمكنوا من اكتشاف ثغرات معينة في الأنظمة وزرع ما يُعرف بـ"البوابات الخلفية" أو "الباكدور" على الخوادم، مما يمنحهم القدرة على العودة والاختراق مجدداً دون الحاجة لتكرار العملية من البداية. هذا الأمر يكشف عن فشل المهندسين المسؤولين عن الأنظمة في المؤسسة العامة للاتصالات في صنعاء في سد هذه الثغرات أو حتى فهم الطريقة التي تمكن بها المهاجمون من الدخول أصلاً.
تحمل هذه العملية دلالات خطيرة على صعيد الأمن المعلوماتي، خاصة وأن البيانات المسربة تتضمن معلومات تفصيلية عن الحركة التجارية والبحرية التي قد تكشف عن شبكات الإمداد والتهريب المحتملة. كما أن حجم البيانات الضخم الذي تم تسريبه - والذي يبلغ 33,030 رحلة - يعطي صورة شاملة عن النشاط التجاري في الموانئ اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين خلال فترة زمنية ممتدة.
يأتي هذا الاختراق في وقت تشهد فيه منطقة البحر الأحمر توترات متصاعدة بسبب الهجمات الحوثية على السفن التجارية، والتي تهدد أمن الملاحة الدولية وحركة التجارة العالمية. ويبدو أن نجاح عملية الاختراق هذه يضيف بُعداً جديداً للتحديات الأمنية في المنطقة، حيث تتضافر التهديدات الفيزيائية مع التهديدات السيبرانية لتشكل خطراً مضاعفاً على استقرار المنطقة وأمنها.