قال مرصد حقوقي دولي، إن مئات اليمنيين مهددون بالطرد من دولة الهند بعد رفض الأخيرة منحهم الوثائق القانونية التي تمكنهم من الإقامة في البلاد،
وأوضح المرصد الاورمتوسطي، ومقره جنيف، في بيان قال موقع "الحرف28" إنه حصل على نسحة منه، أن أكثر من 700 يمني ما بين طالب ومريض وهارب من الحرب يعانون من عدم استقرار أوضاعهم في الهند، بعد أن رفضت السلطات الهندية منحهم الوثائق القانونية التي تمكنهم من الإقامة في البلاد.
وأكد المرصد أن دولة الهند تعمل على ترحيل 700 يمني تعسفاً إلى اليمن بالقوة والإكراه.
وأوضح الأورومتوسطي أنّ هؤلاء اليمنيين يقيمون في الهند منذ حوالي 4 سنوات، ويتركز أغلبهم في مدن حيدر آباد، ونيودلهي وبنغالور، وهم غير قادرين على العودة إلى اليمن بسبب الحرب، وخوفاً من تعرض حياتهم للخطر إذا ما رُحّلوا إلى أماكن سكناهم فيها.
وفي إفادة وثقها فريق المرصد الأورومتوسطي لـ"أسامة حسن" (اسم مستعار)، وهو طالب ماجستير يمني في الهند، قال: "وصلت إلى الهند في يونيو/حزيران 2017 بهدف دراسة الماجستير، حيث كنت قد حصلت على تأشيرة الطالب من السفارة الهندية في الأردن (تسيّر مهام السفارة الهندية في اليمن بسبب ظروف الحرب)، كما حصل كل من زوجتي وطفلي على تأشيرة سياحية لمدة 6 أشهر. أبلغتنا السفارة الهندية في الأردن بإمكانية تقديم زوجتي وابني على إقامة عائلية عند انتهاء تأشيرتهم السياحية، إلا أننا تفاجأنا برفض السلطات الهندية طلب إقامة زوجتي وابني وأبلغوهم بوجوب مغادرة البلاد".
وأضاف "لم تستطع عائلتي مغادرة الهند بسبب الحرب القائمة في اليمن والمخاطر التي من الممكن أن تتعرض لها إذا ما وصلت إلى اليمن، ونظراً لبقائهم في الهند بدون إقامة، أبلغتني السلطات الهندية بأنني متهم بحماية أشخاص يقيمون بشكلٍ مخالف داخل البلاد – إشارة إلى زوجتي وابني - وأمرتني بالرحيل مع عائلتي، على الرغم من أنني لم أنهِ دراسة الماجستير بعد".
وأوضح الأورومتوسطي أن بعض هؤلاء اليمنيين تقدم بطلب تصحيح الأوضاع للسلطات الهندية إلا أنها رفضت الموافقة عليه، ما دفعهم لتقديم اللجوء للمفوضية السامة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي منحتهم وثيقة زرقاء باسم "التماس باللجوء"، غير أنها لا تتضمن أية حقوق أساسية تذكر بحجة أن الأوضاع في اليمن آمنة ومستقرة.
وبحسب الإفادات التي حصل عليها المرصد الأورومتوسطي، فإنّ السلطات الهندية ترفض التعاطي مع الوثيقة الزرقاء الصادرة عن المفوضية عند إبرازها من اليمنيين، وتلقي القبض عليهم وتحتجزهم في سجن مخصص للأشخاص المقيمين بشكل غير قانوني داخل البلاد.
وبحسب المعلومات التي حصل عليها الأورومتوسطي من اليمنيين في الهند، فقد رفعت السلطات الهندية قيمة "غرامة كسر الإقامة" من 50 دولارًا أمريكيًا إلى أكثر من 1,000 دولار، إذ فرضت على كل شخص في العائلة المخالفة دفع ما قيمته 800 دولار كغرامة أساسية، بالإضافة إلى عقوبة تقديرية أخرى توقّع من الموظف المختص على المقيم المخالف، حتى أن هناك حالات لعائلات بلغ إجمالي ما دفعته من غرامات نحو 4,000 دولار ما بين غرامة أساسية وعقوبة.
ووثق المرصد الأورومتوسطي إفادة "سمير علي" (اسم مستعار)، وهو مرافق لجريح يعالج في الهند، حيث قال: "في بداية عام 2018 وصلت إلى الهند مرافقًا لأخي الذي أُصيب في الحرب، حيث بُترت ساقه ويعاني من اختلال في وظائف المخ نتيجة الإصابة. كانت إقامتي في البداية مدتها 6 أشهر، ثم قمت بتجديدها لمرتين".
وأضاف "في عام 2019، رفضت السلطات الهندية تجديد إقامتي للمرة الثالثة وطالبتني بالرحيل، إلا أنني لم أستطع المغادرة بسبب الحرب في اليمن، ولوجود خطر أمني على حياتي في حال عودتي إلى مكان إقامتي. وبسبب ذلك أصبحت أقيم بشكل غير شرعي في البلاد وأنا الآن مهدد بالاحتجاز والترحيل في أي وقت، حيث تتجاهل السلطات الظروف الإنسانية الصعبة التي نعيشها".
وأشار الأورومتوسطي إلى أن اليمنيين لا يتمتعون بأية حقوق تذكر في الهند، فهم ممنوعون من الحق في التنقل، والتعليم، والعلاج في المستشفيات، واستلام المبالغ المالية، واستلام المعونات واستئجار المساكن وغيرها من الحقوق الأساسية اللازمة.
وقال "أسامة حسن" حول حرمانه من الحق في علاج عائلته: "يعاني ابني من الجفاف ولم أستطع الذهاب به إلى المستشفى لعدم امتلاكه إقامة، كذلك زوجتي كانت تعاني من مشاكل نفسية حادة بسبب الحرب في اليمن وصلت إلى درجة العلاج بالصعق الكهربائي، إلا أنني لم أستطع أن أعالجها في المستشفيات الهندية لعدم امتلاكها إقامة، فالمستشفيات الهندية ترفض استقبال الذين لا يملكون إقامات حتى في الحالات الطارئة".
وشدد الأورومتوسطي على ضرورة مراعاة الظروف الاستثنائية لليمنيين خاصةً في ظل استمرار الحرب، وعدم إمكانية الكثيرين منهم من العودة إلى بلادهم بسبب المخاطر الأمنية المحدقة، فضلاً عن الدمار الذي حل بأماكن إقامات الكثيرين.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات الهندية إلى ضرورة التعامل الإنساني مع اليمنيين في البلاد بما تستدعيه ظروفهم الخاصة، وتمكينهم من ممارسة حقوقهم الأساسية كافة، والتي كفلتها المواثيق والأعراف الدولية والقوانين المحلية ذات العلاقة