5000 ريال... هذا ما يدفعه المواطن اليمني مقابل كيلو خيار واحد في مشهد يفوق كل التوقعات! في عدن اليوم، شراء 5 كيلو خضروات متنوعة يكلف أكثر من راتب شهري لموظف، في حين ترتفع الأسعار بسرعة الصاروخ وتنخفض ببطء السلحفاة، مما يجعل بينما تقرأ هذا الخبر، الأسعار ترتفع في الأسواق في تطور صادم يهدد الأمن الغذائي لملايين اليمنيين.
في تسارع جنوني للأحداث، سجلت أسواق عدن فجوة مدمرة تصل إلى 700% بين أغلى وأرخص المنتجات، حيث بلغ سعر الخيار والفلفل الحار (البسباس) 5000 ريال للكيلو الواحد، مقابل 600 ريال فقط للبطيخ. فاطمة المتسوقة البالغة من العمر 32 عاماً تروي صدمتها: "لم نعد نستطيع شراء الخيار... أصبح ترفاً كالذهب"، بينما تحمل كيساً نصف فارغ وعلامات الحيرة تملأ وجهها المتعب.
خلف هذه الأرقام المرعبة تقف سنوات من الحرب والحصار التي دمرت القطاع الزراعي في اليمن بلا رحمة. انهيار الريال اليمني وارتفاع تكاليف النقل ونقص المحروقات تضافرت جميعها لتخلق عاصفة مثالية من الغلاء. "الوضع سيزداد سوءاً ما لم تتدخل الجهات الدولية فوراً"، يحذر د. أحمد الزراعي، خبير الاقتصاد الزراعي، في مشهد يذكرنا بحصار لينينغراد أو مجاعة أيرلندا الكبرى.
في الأسواق الشعبية، تتصاعد همهمات الاستياء وصيحات البائعين تختلط مع أصوات الأمهات اللواتي يبكين أمام أكشاك الخضروات الملونة التي أصبحت بعيدة المنال. أم محمد، ربة بيت تحاول توفير احتياجات أطفالها الخمسة بمبلغ 50 ألف ريال شهرياً، تقول وهي تحمل أوراقاً نقدية بالية: "أطفالي يسألونني عن التفاح والبرتقال... ماذا أقول لهم؟" بينما تشير الإحصائيات إلى أن موجة هجرة جديدة وتفكك اجتماعي يلوح في الأفق، مع تراجع خطير في مؤشرات التغذية للأسر الفقيرة.
أمام هذه الأرقام الخيالية والمعاناة الإنسانية الحقيقية، تبرز الحاجة إلى تحرك عاجل من الحكومة والمجتمع الدولي قبل تحول الأزمة إلى كارثة إنسانية. رغم كل شيء، تظهر فرصة ذهبية للاستثمار في الزراعة المحلية والزراعة المائية قبل فوات الأوان. السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: حتى متى سيبقى الطعام حلماً بعيد المنال لملايين اليمنيين؟
