في تطور دراماتيكي يحبس الأنفاس، تستعد محكمة غرب المكلا خلال ساعات قليلة لإصدار حكم تاريخي قد يحدد مصير آلاف المعلمين الذين يعيشون أكثر من 90 يوماً بلا راتب في ظل ارتفاع الأسعار بنسبة 300%. معلمون يبنون مستقبل الوطن وهم يعيشون تحت خط الفقر - مأساة إنسانية تصرخ طلباً للعدالة، وحكم قضائي واحد قد يغير مصير التعليم في اليمن إلى الأبد أو يدفعه نحو الهاوية.
الصمت المرير يخيم على قاعة المحكمة، بينما تنتظر وجوه منهكة قرار العدالة بقلوب تخفق من التوتر. أحمد المعلم، أب لثلاثة أطفال، يعيش على الاقتراض منذ 3 شهور: "شيء لا يحتمل مطلقاً، نحن نؤدي عملاً مرهقاً وصعباً لكننا نعامل كالمنبوذين." مصادر مطلعة تؤكد أن المعلمين يطالبون بتطبيق قانون المعلم وهيكل الأجور المعمول به، وصرف الحوافز التي يحصل عليها زملاؤهم في المحافظات الأخرى، فيما تصاعدت الدعوات للعودة إلى الإضراب الشامل في حال كان الحكم ضدهم.
هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها المعلمون اليمنيون مثل هذه الأزمة، فقد شهدت محافظات مختلفة إضرابات متكررة خلال السنوات الماضية بسبب تردي الأوضاع المعيشية وعدم صرف المستحقات. الحرب المدمرة والأزمة الاقتصادية الخانقة جعلت المعلم اليمني كالطبيب الذي يعالج المرضى وهو يحتضر من الجوع. د. سالم القانوني، خبير في قانون العمل، يؤكد أن "قطع المرتبات لهذه المدة يعتبر جريمة بحق الإنسانية" ويحذر من انهيار كامل لمنظومة التعليم إذا لم تجد الحكومة حلولاً عاجلة.
في منازل المعلمين، تحكي مريم الأم كيف اضطرت لسحب أطفالها من المدرسة بسبب عدم قدرتها على دفع المصاريف: "أطفالي يسألونني لماذا لا نذهب للمدرسة، وأنا لا أجد جواباً." المشهد نفسه يتكرر في آلاف المنازل، حيث عائلات بأكملها معلقة بين الجوع والكرامة في انتظار حكم قضائي قد يعيد لهم الأمل أو يدفنه إلى الأبد. فاطمة الصبرية، معلمة رفضت ترك المهنة رغم الظروف القاسية: "التعليم رسالة مقدسة، لكن كيف نؤدي الرسالة ونحن نعيش في العراء؟"
اليوم، مصير جيل كامل معلق بقرار قضائي واحد. الحكم المرتقب قد يفتح باب الأمل لآلاف المعلمين ويعيد الاستقرار لقطاع التعليم، أو قد يشعل فتيل إضراب شامل يشل الحياة التعليمية تماماً. على الجميع - الحكومة والمجتمع والمنظمات الدولية - التحرك السريع لدعم المعلمين والضغط من أجل حل عادل ينصف من يبنون عقول الأجيال. السؤال الذي يؤرق الجميع: هل ستنصف العدالة من يضحون من أجل تعليم أطفالنا، أم سنفقد جيلاً كاملاً في لحظة واحدة؟