في تطور يهز أركان قطاع التجزئة السعودي، تواجه أسواق العثيم معادلة محيرة تجعل الخبراء يقفون حائرين: 35 مليون ريال تتبخر كل 90 يوماً من شركة تحقق 2.7 مليار ريال مبيعات وتسيطر على 29% من سوق الرياض. هذا التناقض المذهل يخفي وراءه قصة ستحدد مصير قطاع التجزئة السعودي خلال الـ18 شهراً القادمة.
بأرقام تحبس الأنفاس، حققت العثيم هيمنة مطلقة على 412 فرع في 110 مدينة، مسجلة نمواً في الفروع بنسبة 34% - أي فرع جديد كل 3 أيام تقريباً. المهندس موفق عبدالله مباره يعترف بصراحة: "تشهد الأسواق حالياً واحدة من أكثر الفترات تحدياً". أحمد المستثمر البالغ من العمر 45 عاماً يروي مأساته: "شاهدت 15% من استثماري يختفي خلال شهرين، رغم أن الفروع مزدحمة والمبيعات مرتفعة".
جذور هذا التناقض الصادم تعود إلى استراتيجية التوسع الطموحة التي بدأتها العثيم منذ 2023 لمواجهة عمالقة التجارة الدولية الساعين لاقتحام السوق السعودي. زيادة تكاليف التشغيل وسرعة النمو غير المسبوقة أدت إلى معدل خسارة يومي يبلغ 389 ألف ريال. الخبراء يشبهون الوضع بتجربة كارفور في أوروبا خلال الثمانينات - نمو سريع يليه استقرار وربحية، لكن التوقيت هو المحك الحقيقي.
المستهلك السعودي يعيش حالة من التناقض العاطفي: من جهة يستمتع بـخدمات التوصيل الأسرع وخيارات التسوق المتنوعة، ومن جهة أخرى يقلق من استقرار هذه الخدمات. فاطمة التاجرة البالغة 38 عاماً تؤكد: "الخدمات المحسنة ساعدتني في توسيع تجارتي الإلكترونية"، بينما يحذر د. سعد المحلل الاقتصادي من أن الشراكة المستقبلية مع أمازون خلال عامين قد تكون الرهان الأكبر. المستثمرون منقسمون: منهم المتفائل بالمستقبل ومنهم المتشائم من المخاطر الحالية.
نمو في المبيعات، تراجع في الأرباح، توسع استراتيجي، وشراكة مستقبلية مع أمازون - هذه هي المعادلة المعقدة التي تواجهها العثيم اليوم. الإدارة تتعهد بنمو محدود 12-13 فرع سنوياً وإدارة أكثر حكمة للأصول في المرحلة القادمة. هل ستتمكن العثيم من تحويل هذا التحدي الصاعق إلى انفجار كبير في الأرباح، أم أن هذه الخسائر المتراكمة تنذر بانهيار وشيك لأحد أهم رموز التجارة السعودية؟
