يتحول قلب العاصمة المقدسة تدريجياً نحو وجهة مستقبلية عصرية مع إطلاق مشروع "وجهة مسار مكة" الذي يعد واحداً من أكثر المشروعات طموحاً ضمن رؤية المملكة 2030. 

هذا المشروع العملاق الذي تبلغ تكلفته 26 مليار دولار يهدف إلى إحداث تحول جذري في البنية التحتية والحضرية لمكة المكرمة بما يليق بمكانتها الدينية العالمية، مع الحفاظ على هويتها الإسلامية وتراثها التاريخي.

الموقع والمكونات الرئيسية للمشروع:

يمتد مشروع "وجهة مسار مكة" في قلب مدينة مكة المكرمة على مساحة تتجاوز 1.2 مليون متر مربع، حيث يبدأ من المدخل الغربي للمدينة المقدسة عبر طريق جدة-مكة السريع ويصل إلى جوار المسجد الحرام. 

وتشير التقارير إلى أن المشروع يتضمن إنشاء ممر رئيسي يمتد بطول 3.65 كيلومتراً وبعرض يصل إلى 320 متراً، مما يجعله محوراً حضرياً استثنائياً يربط أجزاء المدينة المقدسة.

ويضم هذا الممر الرئيسي منظومة متكاملة للنقل العام تشمل محطة مترو متطورة ترتبط بشبكة النقل داخل مكة، إضافة إلى محطات للحافلات الذكية وممرات مشاة مظللة ذات تصميم عمراني إسلامي حديث. 

ووفقاً للمخططات المعلنة، فإن هذه المنظومة ستسهم في تقليص زمن التنقل من مدخل مكة إلى المسجد الحرام من أكثر من ساعة إلى أقل من 20 دقيقة خلال مواسم الذروة، مما يوفر تجربة انتقال سلسة للحجاج والمعتمرين.

المرافق والخدمات المتاحة

يحتضن المشروع العملاق مجموعة متنوعة من المرافق والخدمات التي تلبي احتياجات سكان مكة المكرمة وزوارها. 

وأوضحت المصادر أن المشروع سيضم أكثر من 100 برج فندقي وسكني وتجاري، إلى جانب مجمعات سكنية مصممة لاستيعاب ما يزيد عن 300 ألف نسمة. 

كما تشمل الخطة إنشاء مرافق تعليمية وصحية وثقافية ومراكز تجارية كبرى تسهم في تحسين جودة الحياة وتوفير الخدمات الأساسية.

وتتميز البنية التحتية للمشروع بكونها ذكية ومتطورة، حيث تم تجهيزها بشبكة اتصالات رقمية متقدمة تدعم خصائص المدن الذكية وإنترنت الأشياء. 

ويشير المخططون إلى أن المشروع يتضمن أيضاً شبكات خدمات رئيسية حديثة للكهرباء والماء والصرف الصحي، بالإضافة إلى ساحات خضراء وحدائق عامة تسهم في تحسين البيئة الحضرية وتوفير مساحات مفتوحة للترفيه والاستجمام.

الأبعاد الروحية والاجتماعية:

يحرص مشروع "وجهة مسار مكة" على مراعاة الطابع الإسلامي للمدينة المقدسة من خلال تصميمات معمارية مستلهمة من الإرث الحجازي التاريخي. 

وتؤكد المصادر المطلعة على المشروع أن التصاميم تهدف إلى تهيئة بيئة حضرية تعزز الاندماج بين السكان المحليين والزوار، مع الحفاظ على القيم الروحية والثقافية التي تميز مكة المكرمة عن غيرها من المدن.

ويولي المشروع اهتماماً خاصاً بالجوانب الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بإعادة توطين السكان المتأثرين بالتطوير. 

وقد كشفت التقارير أن المرحلة الأولى من المشروع، التي بدأت بتكلفة تجاوزت 23 مليار ريال سعودي، شملت إزالة أكثر من 60 حياً عشوائياً مع تعويض السكان المتضررين وتوفير مشاريع سكنية حديثة تحترم خصوصيتهم الثقافية، مما يعكس التزام المشروع بتحقيق التنمية المستدامة التي تراعي البعد الإنساني.

مشروع "وجهة مسار مكة" يمثل نقلة نوعية في مستقبل العاصمة المقدسة، حيث يجمع بين التطور العمراني والتكنولوجي مع الحفاظ على الهوية الإسلامية للمدينة. 

ومع توقعات اكتمال المشروع وتشغيله بالكامل بحلول نهاية عام 2025، تستعد مكة المكرمة لاستقبال حقبة جديدة من التطور الحضري الذي سيعزز قدرتها على استيعاب الملايين من الحجاج والمعتمرين سنوياً، مع توفير تجربة روحانية وعملية متكاملة تليق بمكانة أقدس مدينة في العالم الإسلامي.