الرئيسية / من هنا وهناك / من 3 أيام إلى 3 ساعات فقط: طريق دولي جديد بين اليمن والسعودية يختصر المسافة بينما يموت المئات على الطريق الآخر
من 3 أيام إلى 3 ساعات فقط: طريق دولي جديد بين اليمن والسعودية يختصر المسافة بينما يموت المئات على الطريق الآخر

من 3 أيام إلى 3 ساعات فقط: طريق دولي جديد بين اليمن والسعودية يختصر المسافة بينما يموت المئات على الطريق الآخر

نشر: verified icon رغد النجمي 06 أغسطس 2025 الساعة 10:15 مساءاً

في تطور لافت يُعيد تشكيل خريطة النقل الإقليمي، يُعلن عن إنشاء طريق دولي جديد بين اليمن والسعودية سيُحدث ثورة حقيقية في زمن الرحلة، حيث سيختصر المسافة من 3 أيام كاملة إلى 3 ساعات فقط. هذا الإنجاز التنموي الضخم يأتي في ظل استمرار المأساة الإنسانية على الطريق الشرقي التقليدي، حيث يفقد المئات من المهاجرين الأفارقة حياتهم سنوياً في محاولات يائسة للوصول إلى أراضي المملكة.

يمثل المشروع الجديد نقلة نوعية في البنية التحتية للمنطقة، مما سيعزز حركة التجارة والسياحة بين البلدين بشكل جذري. فبدلاً من الرحلة الشاقة التي تستغرق ثلاثة أيام عبر الطرق التقليدية الوعرة والخطيرة، سيتمكن المسافرون من قطع المسافة ذاتها في ثلاث ساعات فحسب، مما يفتح آفاقاً واسعة للتبادل الاقتصادي والثقافي.

غير أن هذا التقدم في البنية التحتية يتزامن مع استمرار مأساة إنسانية حقيقية على الطريق الشرقي القديم. فبينما يستعد المسافرون الرسميون للاستفادة من الطريق الحديث الآمن، يواصل عشرات الآلاف من المهاجرين الأفارقة المخاطرة بحياتهم عبر الطرق التقليدية الخطيرة، حيث تشير التقارير إلى وصول نحو 97 ألف مهاجر إلى اليمن خلال عام 2023 وحده.

يكشف هذا التناقض الصارخ عن واقع معقد في المنطقة، حيث تتطور البنية التحتية الرسمية بينما تستمر شبكات التهريب في استغلال اليائسين. وتشير الإحصائيات المؤلمة إلى مقتل أكثر من 1300 مهاجر غرقاً خلال العقد الماضي، بينما سجل عام 2024 لوحده نحو 400 حالة وفاة، مما يجعل من هذا الطريق أحد أخطر طرق الهجرة في العالم.

يؤكد لؤي العزازي، الصحفي والناشط الحقوقي المختص بقضايا المهاجرين الأفارقة، أن اليمن تمثل نقطة عبور رئيسية للمهاجرين القادمين من دول القرن الأفريقي، خاصة إثيوبيا والصومال، نظراً لقربها الجغرافي من المملكة السعودية. ويبدأ هؤلاء المهاجرون رحلتهم المحفوفة بالمخاطر من إثيوبيا مروراً بجيبوتي أو بوساسو في الصومال، قبل أن يُنقلوا عبر البحر الأحمر إلى السواحل اليمنية على متن قوارب متهالكة.

وفي المقابل، يُتوقع أن يغير الطريق الدولي الجديد قواعد اللعبة بالكامل للمسافرين الشرعيين، حيث سيوفر بديلاً آمناً وسريعاً يقضي على المعاناة التقليدية للسفر عبر الطرق الوعرة. هذا التطور سيكون له تأثير إيجابي مباشر على الاقتصاد المحلي في كلا البلدين، حيث سيسهل حركة البضائع والأشخاص بطريقة لم تكن ممكنة من قبل.

ومن جانبه، يوضح شيخ محمد، رئيس "جمعية مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر"، أن السواحل اليمنية تشهد وصول أكثر من 200 مهاجر يومياً، حيث تنتظرهم معاناة لا تنتهي بمجرد الوصول، إذ يُحتجزون ويواجهون سوء المعاملة، مع تعرض النساء لمخاطر الاغتصاب والاستغلال الجنسي.

يبرز التناقض بوضوح عندما ندرك أن التقنيات الحديثة والاستثمارات الضخمة تُوظف لخدمة السفر الآمن والسريع، بينما تستمر شبكات الاتجار بالبشر في استغلال الفئات الأكثر ضعفاً وفقراً. فهذه الشبكات تتحمل تكاليف السفر والطعام والمأوى للمهاجرين، ثم توهمهم بتوفير فرص عمل، لكن الأموال التي يدفعها هؤلاء المهاجرون عادةً ما تذهب إلى العصابات التي تدير هذه العمليات الإجرامية.

تكشف التقارير عن تفاصيل مؤلمة حول معاناة المهاجرين، حيث يُروج لهم بأنه بعد فترة قصيرة من وصولهم إلى اليمن، سيتم نقلهم إلى السعودية وتوفير وظائف مناسبة لهم، مع وعد بصرف مستحقاتهم المالية تدريجياً. إلا أنهم يصدمون عند وصولهم، إذ يُحتجزون في مخازن خاصة، ويُخيفونهم بإشاعات كاذبة حول عدم ود اليمنيين وإمكانية تعرضهم للاعتداء.

ويشير العزازي إلى أن المهاجرين يتحدثون عدة لغات وينتمون إلى قوميات مختلفة، وبعضهم مسيحيون، مما يؤدي إلى وجود مجتمعات منعزلة يصعب على السلطات الأمنية الوصول إليها بسبب تسليح العصابات التي تديرها. وقد شهد بنفسه هذه البيوت في منطقة شبوة، حيث أشرف على إخراج ثلاث فتيات من هذه الأماكن بعد تعرضهن لانتهاكات جسيمة.

في ظل هذا الواقع المعقد، تبقى الحاجة ملحة لحلول شاملة تُوفق بين التطوير التنموي والمعالجة الإنسانية. فبينما يُحتفى بالطريق الجديد كإنجاز تقني واقتصادي مهم، تستمر الحاجة إلى تضافر الجهود الدولية والإقليمية لمواجهة شبكات الاتجار بالبشر وحماية المهاجرين من الاستغلال والموت على طرق اليأس والأمل الزائف.

اخر تحديث: 07 أغسطس 2025 الساعة 04:55 صباحاً
شارك الخبر