الرئيسية / فيسبوكيات / البخيتي يفشي «أسرار خطيرة» للحوثيين ويتوقع سقوطهم خلال هذه المدة
البخيتي يفشي «أسرار خطيرة» للحوثيين ويتوقع سقوطهم خلال هذه المدة

البخيتي يفشي «أسرار خطيرة» للحوثيين ويتوقع سقوطهم خلال هذه المدة

27 نوفمبر 2016 05:40 مساء (يمن برس)
قال الكاتب والسياسي اليمني، علي البخيتي، إن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح يتحمَّل مسؤولية ما يجري في اليمن أمام العالم، حتى ولو لم يكن له يد فيما ترتكبه ميليشيا الحوثيين من انتهاكات وجرائم؛ لأنه بات جزءًا من السلطة منذ إعلان المجلس السياسي سلطة عليا في البلاد، وإن كانت سلطة شكلية.

وأشار القيادي السابق في حركة الانقلابيين الحوثية، في حوار مُطوَّل أجرته  معه صحيفة "المسار" السعودية ، إلى صدمته مِن هَوْل ما رآه من جرائم وانتهاكات نفَّذها الحوثيون في صنعاء، والتي كان يعمل فيها ولم يرَ فيها إلا “مظلومية الحوثيين”، حسب تعبيره، وأنه لم يكن يُصدِّق الروايات التي كانت ترده عن جرائم الحوثيين في بقية مناطق اليمن، إلى أن رآها بأم عينيه بعد احتلالهم للعاصمة صنعاء.

وفي الحلقة الأولى من هذا الحوار يكشف البخيتي الذي كان يُمثِّل لسان الميليشيا الحوثية، لفترة طويلة، عن سر انضمامه لهم وسفرياته المتعددة لإيران، وعن علاقته بالرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وبالحزب الاشتراكي، وعن رحلته مع ميليشيا الحوثيين إلى أن قدَّم استقالته عن الحركة التي وصفها بالكهنوتية والطائفية:

ما هي نقطة التحوُّل التي مررتُم بها، باعتبار أنك كُنتَ سجينًا سياسيًّا في فترة حكم صالح ثم خرجت وأضممت لميليشيا الحوثيين.. ثم فجأة تخلَّيتَ عنهم واقتربت من صالح؟
أنا أرى الأمر من زاوية أخرى تمامًا، فالتحوُّلات المذمومة تأتي حين ينتقل الشخص من دعم سلطة إلى دعم سلطة جديدة، لكنني كنتُ دائمًا في صف المعارضة، أي معارضة، كنتُ مع اللقاء المشترك في كل دورات الانتخابات التي شهدتها اليمن، معارضًا لعلي عبدالله صالح وحزبه، ومع الحوثيين ضد نظام علي عبدالله صالح، وسُجنت في هذه الفترة، وبعد خروجي كنتُ في الساحات أعارض علي عبدالله صالح، ثم دخلتُ الحوار الوطني كأحد مكوِّنات الثورة الشبابية الشعبية باسم الحوثيين، وعندما وصل الحوثيون للسلطة عارضتُهم، بمعنى أني ضد أي سلطة تمارس القمع، والأطراف التي أدافع عنها هي التي تتغيَّر عندما تصل للسلطة.

إلى أي مدى يمكن أن تُغرق في هذا التنقل ضد السلطة؟ فإذا كانت الصور المتداولة لك وأنت في إيران صحيحة.. فهذا يعني أنك لا تتنقل بل تُغرِق.. لأن التشبُّع شيء والإغراق شيء آخر؟
الصور التي نُشِرت صحيحة، وقد نشرتُها في صفحتي على “فيسبوك” مع موضوع ساخر، لكن البعض يأخذها ويُخرجها من سياقها، فكثير من الصور كانت تُنشَر على سبيل المزاح؛ مثلًا الصورة التي أحمل فيها العملة الإيرانية، أظهر فيها مبتسمًا وأنا مقابل للكاميرا، ومستعد للصورة، لم يصوّرني أحد خفية، فقد كانت رسالة ساخرة عندما تمَّ اتهامي بأني عميل للمخابرات الإيرانية بمرتب خمسة آلاف يورو، لكن الإعلام يأتي لأخذ مثل هذه الصور، ويبدأ بتوظيفها، إلا أن الأطراف الرسمية والجهات الحكومية يعرفون المواقف الحقيقية لي ولا يتأثرون بمثل هذه الأمور، وحتى الصور التي نقلتها من لبنان للخميني وحسن نصر الله إلى اليمن، ورفعتها في مطار صنعاء، والجميع يعرف أني مدني “علماني”، ولستُ مؤمنًا بحركات الإسلام السياسي الشيعية أو السنية أيًّا كانت، ولكن في تلك الأيام كان هناك قمع هائل ضد الحوثيين، وكان الحوثي أو القريب منهم أو المحسوب عليهم يذهب للمطار، ويعود وكأنه يمرُّ بجهنّم، وكان المطار بمثابة المكان الأشد رُعبًا، حيث كان يتم اعتقال الكثير فيه ويُتهمون بالذهاب لإيران، وأنهم عملاء، فتعمَّدتُ أن أكسر حاجز الخوف في المطار، بأن أقوم بالعمل الأشد إزعاجًا واستفزازًا للسلطة، والذي تعتبره جريمة لا تُغتَفر، وأن أفعله داخل المطار، لأكسر حاجز الخوف، وأقول لهم إذا أردتم أن تعتقلوني فاعتقلوني، وكنتُ قد أعلنتُ قبل عودتي إلى صنعاء أني سأوزع صور الخميني داخل المطار، وأرسلت رقم الرحلة واسم الشركة، ووصلت المطار واستقبلني عشرات الأصدقاء، ووزعت الصور عليهم داخل المطار.

ما هي الرسالة التي أردتَ إيصالها تحديدًا؟
كسر حاجز الخوف، ليتمكَّن الناس من التعبير عن قناعاتهم السياسية بحرية تامة.

تقول إنك رفعت الخميني لتعطي رسالة، هل أنت مؤمن بالصورة التي رفعتها.. فالذين ينتقدونك حتى اليوم يقولون إنك رفعت الصورة لإيمانك بالشخص الذي في الصورة، وليست مجرد رسالة؛ لأنه كان بإمكانك أن ترسل رسالة سواء للانقلابيين الحوثيين أو غيرهم بطريقة مختلفة، فلماذا لم ترفع صورة عبدالملك الحوثي واخترت الخميني وحزب الله؟
بالنسبة لما يحصل من تجاوزات أو أخطاء من إيران وتدخُّلاتها في الوطن العربي واليمن فأنا ضدها، وقد أعلنتُ ذلك مِرارًا من الضاحية الجنوبية معقل حزب الله في لبنان، ويجب أن نُميِّز بين هذين الأمرَين، أما من ناحية الجانب العقائدي فالجميع يعرف أن توجُّهي مختلف تمامًا.
ولا يوجد حتى مَن يتهمني بالقرب من المذهب الإثنى عشري، مع أني أعتقد أن من حق المذهب الإثنى عشري مثله مثل أي فكر أن ينتشر في أي مكان، المهم ألا يتم ذلك عبر السلطة ومؤسسات الدولة، ولا عبر إغراء البسطاء بالمال استغلالًا لفقرهم، كما يفعل الكثير من جماعات التبشير الشيعية المنتشرة في الكثير من الأقطار العربية.

ألا تعتقد أن رفع صورة الخميني وحسن نصر الله هو تأكيد لفكرة الاختراق الإيراني لليمن؟
لا، وقتها كانت هناك سلطة ظالمة، وأجهزة أمنية تقمع المواطنين لأي سبب، وتكيل لهم الكثير من التهم، وكان هدفي من الأمر هو الرسالة في حد ذاتها وهي كسر حاجز الخوف، المسألة مسألة حرية؛ أن يكون الإنسان مُحبًّا لإيران أو سياستها فهذا من حقه؛ وأن يكون مُحبًّا للسعودية وسياستها فهذا من حقه؛ المهم ألا يخالف النظام والقانون، ولا يخرج بالسلاح للتعبير عن تلك المواقف، ولا يوجد في الدستور اليمني أو القانون، ما يمنع أن تكون مُحبًّا للخميني أو حزب الله، وبالعكس كانت في مرحلة من المراحل تخرج في صنعاء الكثير من المظاهرات داعمة لحزب الله وداعمة لإيران، ومن مختلف التيارات المذهبية في اليمن، طبعًا هذا الأمر كان قبل دخول المنطقة في الصراع المذهبي الطائفي.

متى بدأت زياراتك لإيران؟
زيارتي الأولى لإيران كانت في الأشهر الأخيرة من عام 2012م، قبل أن أكون مع الحوثيين في الحوار الوطني، وأغلب الزيارات كانت في إطار فعاليات نظمتها إيران للكثير من الفاعلين في العمل  السياسي، من ضمنهم أعضاء في مجلس النواب، في حزب التجمُّع اليمني للإصلاح، والمؤتمر الشعبي العام، وأحزاب أخرى والكثير من المستقلّين.
هذا يعنى أنها كانت زيارة سياسي أنا لا أتحدث عن وفود رسمية، بل أتحدث عن مؤتمرات كانت تنظمها إيران، ومؤتمرات سياسية أو إعلامية أو أي نوع من المؤتمرات مرتبطة بثورات الربيع العربي، وكان يُدعَى لها مختلف الأطراف، ولم أكن وحدي، ولو دُعِيت وحدِي لكنت سأذهب بمفردي، لا مشكلة لدي، لكن أنا أحدِّثُك عن السياق، ودائمًا السياق هو المحكُّ لأي شيء أكثر من الحدث نفسه.
 
لكن الأيام التالية أثبتت ارتباط الانقلابيين الحوثيين الوثيق بإيران وأنت كنتَ أحد المكوِّنات الحوثية في هذه الفترة، كيف ترد على ذلك؟
أولًا أنا لا شأن لي سواء ارتبطوا بإيران كثيرًا أو قليلًا، فهذا أمر لا يعنيني كثيرًا، والحوثيون عندما دخلوا صنعاء وارتكبوا الكثير من الأخطاء والحماقات هاجمتهم، وفي النهاية تقدَّمت باستقالتي، إذا كانت لديهم ارتباطات بإيران تزيد أو تنقص فهذا شأنهم، وغيرهم من الأطراف لديهم كذلك ارتباطات بدول أخرى كثيرة، ويجب أن تُحسَم مثل تلك القضايا أو تُنظَّم عبر قوانين تُجرِّم ما يتعارض منها مع مصالح اليمن والأمة العربية أو ما يُخِلُّ بأمن الجيران.

هل كان سفرك لإيران بترشيح من الانقلابيين الحوثيين؟
لا، هذا الكلام كان قبل حتى أن أكون عضوًا في الحوار أو ضمن الحركة، ولم تكن لدي علاقة تجمعني معهم غير تلك العلاقة التي كانت تجمعني بكل التيارات في الساحة، تعرَّفنا أكثر على الحوثيين في الساحة وقبل الساحات لم يكن أحد ليجرؤ على الإفصاح عن انتمائه للحركة الحوثية.

قبل ثورة 11 فبراير التي تحدّثت عنها كنتَ مسجونًا لدى الأمن السياسي بتهمة مرافقة صحفي أجنبي كان يُعِدُّ ملفًا عن صعدة وعن الحراك الجنوبي.. كما أثبتَّ ذلك في صفحتك، لكنَّ هناك مَن يقول إن التهمة الثابتة عليك أنك كنتَ منضويًا لميليشيا الحوثي.. فما تعليقك؟
أنا عضو في الحزب الاشتراكي منذ عام 93م، والحزب الاشتراكي والكتب اليسارية التي قرأناها غسلت من أدمغتنا أي شيء عن تيارات الإسلام السياسي، وقناعاتي معروفة منذ ذلك التاريخ، الصحفي الذي أتيتُ به ليس عالم دين إيرانيًّا أو مدربًا من حزب الله، إنه صحفي بريطاني أتى لتغطية الأحداث داخل اليمن، وتواصلتُ معه عبر الإنترنت عبر بعض الأصدقاء، وأراد أن يقوم بزيارة صعدة، ونسَّقت له الأمر، بحكم نشاطاتي السياسية والإعلامية، ولدي علاقات مع الكثير، ولا أُنكِر وقتها وإلى ما قبل استقالتي من الحركة الحوثية أني كنتُ متعاطفًا معهم، ولست وحدي في هذا  الأمر، بل كان الحزب الاشتراكي بكامله ورئيس تحرير موقع الحزب مثلًا محمد المقالح الذي أُخفي لأربعة أشهر بسبب نقله فظاعات وجرائم نظام صالح وشركائه خلال حروب صعدة، كلنا كنا مؤيدين للحوثي كحركة مظلومة؛ لأن حسين الحوثي هو أكثر مَن أيَّد موقف الحزب الاشتراكي في حرب عام 1994م، عندما كان عضوًا في مجلس النواب، وكان يعرف مدى الظلم الذي تعرَّض له الحزب.

هل استقلتَ من الحزب الاشتراكي؟
لم أتقدَّم باستقالتي من الحزب، ولم أعتبر أن انتمائي لحركة الحوثيين فيه تناقض مع عضويتي في الحزب، لأنها حركة دينية، والاشتراكي حزب سياسي، وكان لي هدف محدَّد من الانتماء للحركة، وهو أن نعمل مع قيادتها على صياغة رؤية نتقدَّم بها لمؤتمر الحوار الوطني تكون مدنية قريبة من تيار اليسار، وقد عملتُ ما استطعتُ في تضمين الكثير من المواد في فريق قضية صعدة، التي تنص على المواطنة المتساوية وإزالة أي فوارق بين الطبقات، وتجعل من حكم اليمن مدنيًّا لا يستند إلى نظرية ولاية الأمر التي تؤمن بها الحركة، لقد وجدت حينها أن هذه الحركة لديها من المرونة الكثير، وقابلة لأن تتأثر بالرأي الآخر وتتبنى مواقفه.

باختصار شديد.. أين تلتقي مع الانقلابيين الحوثيين وأين تختلف معهم؟
ألتقي بهم عندما يتماهون مع الرؤية التي قدَّموها في مؤتمر الحوار، والتي شاركتُ فيها أنا وكل زملائي، وهذه الرؤية لو راجعتموها لاستغربتم مما فيها، فهي رؤية علمانية تمامًا، وفي إحدى موادها قلنا إنه لا يصح أن يُكتَب في دستورها أن اليمن دولة إسلامية؛ لأن الإسلام دين الشعب لا دين الدولة، تخيَّل إلى هذا الحد فصلنا الدين عن الدولة، وعندما انقلب الحوثيون على تلك الرؤية، في أول يوم دخلوا فيه صنعاء، واجهتهم وانتقدتهم، وسعيتُ لمعالجة الكثير من التجاوزات والانتهاكات التي مارسوها، والجميع يعرفون الهجوم الذي قمتُ بشنّه عليهم، عندما دخلوا بيوت عددٍ كبيرٍ من الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) وغيرهم، وهذه قصص معروفة للجميع، ولا أريد تكرار الحديث عنها، ومستمر في مواجهتهم حتى اليوم.

لماذا انقلب الحوثيون على هذه الرؤية؟
انقلب الحوثيون على الرؤية بعد أن وصلوا للسلطة، حيث وجدوا أن هناك فراغًا فقاموا بملئه، واستفادوا من السلطة، ووجدوا أن بإمكانهم أن يستحوذوا على الكعكة بكاملها، فطمعوا وانقلبوا على الرؤية التي تبنُّوها في الحوار، والتي تنص على الشراكة، وهذا سياق أغلب الحركات السياسية في العالم، عندما يكونون في المعارضة يتحدثون عن قِيَم ومُثُل عُليا، وشراكة وطنية، وبمجرد أن يصلوا للسلطة فإنهم ينقلبون على كل تلك الشعارات، ويبطشون بخصومهم، والحوثيون كانت لديهم النية لأن يكونوا شركاء لكن للأسف أن الأطراف الأخرى – هادي ومَن معه في السلطة وقتها – هم مَن رفضوا أن يُشركوهم، هذا إلى ما قبل أشهر من دخولهم صنعاء، وبعد دخولهم انقلب الحوثيون هذه المرة على شعاراتهم.

كيف رفضت الأطراف إشراكهم؟
مثلًا: نصَّت مخرجات مؤتمر الحوار على إشراك الحوثيين وتوظيفهم وإعطائهم حصة من كلِّ مؤسسات الدولة، مدنية كانت أو عسكرية، وأنا بيدي كتبتُ تلك المواد في فريق قضية صعدة، لكن السلطة ماطلت واستغلَّت الحوار في التمديد لنفسها فقط، ولم تمنحنا حتى تصاريح حمل سلاح، وكنا نتساقط في عمليات اغتيال الواحد بعد الآخر.

ما الذي يُميِّزهم حتى يعطوا هذه المناصب.. أليسوا من الشعب؟
على اعتبار أنه تمَّ إقصاؤهم خلال السنوات العشر التي حصلت فيها الحروب، وعلى اعتبار أنه فُصِل الكثير من المحسوبين على التيار الحوثي من وظائفهم؛ باعتبارهم حركة متمردة، والخلاصة أن الأحزاب السياسية والتيارات التي شاركت في الحوار وافقت على المخرجات التي نصَّت على إشراك الحوثيين في كل مؤسسات الدولة.

لكن الحوثيين هم مَن انقلبوا على مخرجات الحوار؟
لا، هذا الكلام غير صحيح، وإن كنتُ هاجمت الحوثيين بعد وصولهم لصنعاء، لكنني أتحدَّث عن الفترة الواقعة بين نهاية مؤتمر الحوار والى ما قبل دخول الحوثيين صنعاء، في هذه الفترة رفضَت السلطة إشراكهم نهائيًّا، السلطة هي أول مَن انقلب على مخرجات مؤتمر الحوار، واستفادت منها فقط في شرعنة التمديد لبقائها، واستفاد عبد ربه منصور هادي والذين كانوا في السلطة وقتها لكي يُمدِّدوا لأنفسهم فقط، وبقية مخرجات الحوار أهملوها ولم يُطبِّقوها، ولو رجعت لمدوَّنتي، ومقالاتي لوجدت أنها كانت تقول: أشركوا هؤلاء قبل أن يأخذوا الكعكة بكاملها، فقد كنتُ أرى الإعدادات والقوة التي لديهم وبقية الأطراف مترهِّلة وضعيفة، لكن للأسف طمع السلطة وجشعها مما دفعهم لرفض إشراك الحوثيين، إضافة إلى أنهم استخدموا الحوثيين لضرب بعضهم البعض، والحوثيون عندما وصلوا صنعاء وجدوا أنها لقمة سائغة أمامهم، فاستحوذوا على كل شيء، وضربوا كلَّ مَن سهَّل لهم دخول صنعاء، وأولهم هادي، فالناطق باسم الجيش اليمني وقتها، والذي عيَّنه عبد ربه منصور هادي قال في أول تصريح له بمؤتمر صحفي إن المعركة في عمران ليست معركة الجيش اليمني، بمعنى أن القشيبي متمرد، هكذا يُفهم من تصريحه، وأكد كذلك عبد ربه منصور هادي عندما زار عمران عقب سقوطها، والتقى “أبو علي الحاكم”، وقال: الآن عمران عادت لسلطة الدولة، وبالتالي تعامل مع الحوثيين وكأنهم جهة تطبيق القانون عندما قضوا على القشيبي، فلا تعتبوا على مواقفي وقتها، فقد كانت منسجمة مع توجُّهات الشرعية في حينها.

لو عاد بك الزمن.. هل ستعود للعمل مع الاقلابيين الحوثيين؟
بالتأكيد سأدافع عنهم في المظالم التي تعرَّضوا لها، ولا أزال مقتنعًا بمواقفي السابقة طبعًا والمتعلقة بمظلومية الحوثيين في جوانب معيَّنة، وقد اعتذرت لهم كل الأحزاب عن تلك الحروب في اللجان الفنية للحوار، واعتبروا قتلاهم شهداء، وهناك مواقف تغيَّرت فيها؛ لأنه وصلتني فيها معطيات أخرى، وكنتُ شجاعًا في الاعتراف بالأخطاء، مثلًا أعطوني معلومات أن القشيبي قُتِل أثناء المعركة، ولكن عرفت بعدها أن القشيبي أُعدِم فعلًا عندما نشر تسجيلًا صوتيًّا يؤكد الواقعة، وعلى الرغم من أن الكثير تحدَّثوا وقتها عن أنه أُعدِم، لكن كانت مصداقية الإعلام المناوئ للحوثيين منعدمة، فالأكاذيب التي كانوا يطلقونها، والدعايات المفبركة كثيرة، لذلك كانت تضيع الكثير من الحقائق عن مظالم وجرائم نفذها الحوثيون وسط كمٍّ هائلٍ من الأكاذيب، وعندما تأكدتُ من واقعة إعدام القشيبي اعتذرت علنًا، وهاجمت الحوثيين بعبارات قاسية جدًّا؛ بسبب جريمة الحرب تلك.

وهل اكتشفت جانبًا آخر غير ما تسميها بـ”مظلومية الانقلابيين الحوثيين”؟
أكيد، مكتبي كان في المكتب السياسي بصنعاء، وكنتُ بعيدًا عن ميدان سيطرة الحوثيين، وتصلني المعلومات أغلبها عبر الإيميل والتليفون؛ لأن سيطرة الحركة كانت خارج صنعاء، ولم أكن أراها رؤية العين،  وإلى ما قبل دخولهم صنعاء كنت أرى الحوثيين مظلومين يُقتَلون من أجهزة الأمن، ويَتمُّ اغتيالهم، وهناك مجازر كثيرة يعرفها الجميع، كنتُ أرى في صنعاء المظلومية الحوثية، لكن خارج صنعاء كنتُ أسمع عن بعض التجاوزات والأخطاء، وشكاوى الناس، وكنتُ أصدِّق بعضها وأكذِّب بعضها؛ لأن الإعلام المناوئ لهم كان يفتري كثيرًا، بحيث يضيع الغث مع السمين، لكن عندما رأيتُهم رؤية العين، حين دخلوا صنعاء، ورأيت كيف يتعاملون مع الناس ومع مؤسسات الدولة، توقعت أنهم كانوا بذات السلوك، في صعدة وغيرها، ومع دخول الكثير من الانتهازيين إلى الحركة تزامنًا مع حراكهم الذي حاصر صنعاء، فقدت الحركة السيطرة تمامًا، وكانت سلوكياتهم كسلطة أبشع بكثير من الذين سبقوهم، وقد انتقدتُهم من أول يوم لدخولهم صنعاء، في الوقت الذي تقرَّب لهم وهادَنهم حتى خصومهم.

مَن الذي تقرَّب منهم من خصومهم؟
الإصلاح تقرَّب منهم، واجتمعوا في فندق الموفينبيك، وكانوا يديرون حوارًا، وكنتُ أطالب وقتها اليدومي وقيادة الأحزاب بأن تخرج لمواجهة الحوثيين في الشارع؛ لأنه لا يصلح الحوار معهم بعد أن استولوا على السلطة بقوة السلاح، فكانت لدي قناعة بأنه مهما كانت نتائج الحوار إيجابية فستكون لانقلابهم ليس إلا، في هذا الوقت الذي غازلهم فيه الإخوان المسلمون، وكنتُ أنا الصوت الأبرز، لا أقول الوحيد في معارضتهم، ولو كنتُ باحثًا عن سلطة لاستغللتُ الأمر واستمررتُ معهم.

دخول ميليشيا الحوثيين صنعاء.. هل كان توجُّهًا إستراتيجيًّا أم ضعفًا في التفكير السياسي؟
كانت ورطة لهم، وقد كتبتُ مقالًا في يوم 27 سبتمبر عام 2014 بعد دخولهم بخمسة أيام تقريبًا بعنوان: (الفخ الذي نُصِب للحوثيين بدخول صنعاء)، تحدثتُ فيه عن نفس السيناريو الذي يحصل الآن بأن كثيرًا من الدول ستحاصرنا، وسيحصل الكثير من المشاكل، وستصبح الدولة عاجزة عن دفع المرتبات، وهو نفس السيناريو الحاصل خلال السنة والنصف أو السنتين الماضيتين، لكن لم أدرك أن الفخ سيتحوَّل لفخ لليمن بكاملها وليس للحوثيين فقط، اتهمني الكثير بالتشاؤم وقتها، لكن الأيام أثبتت أن تشاؤمي كان أقل مما هو حاصل اليوم.

ما هو سر الخلاف بينك وبين محمد عبدالسلام؟
كان خلافًا في وجهات النظر حول القضايا المطروحة والسياسات العامة للحركة، وبالأخص بعد 21 سبتمبر 2014م، وكنتُ قبل ذلك التاريخ الصوت الأبرز في صنعاء، وبالتالي في اليمن، والمسموع على مستوى الوطن العربي فيما يتعلق بالدفاع عن الحوثيين، وتقديمهم بشكل إيجابي؛ لأن وسائل الإعلام كانت تلتقي بي بكثافة؛ بحكم تواجدي في صنعاء، فكانت تُحدِث تصريحاتي المنفتحة والمدنية خلافًا في وجهات النظر، وكان الكثير يعاتبونني على بعض التصريحات، فأقول لهم هذا ما اتفقنا عليه من مخرجات مؤتمر الحوار، وكنتُ أحاججهم دائمًا إلى رؤية مؤتمر الحوار التي قدَّمناها كفريق لأنصار الله (الحوثيين)، وأقول لهم إن العقد الذي بيني وبينكم هو مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، والرؤية التي تقدَّمنا بها، وليس مَلازم حسين بدر الدين الحوثي، فمَلازم حسين بدر الدين الحوثي هذه تخصُّكم كتيار ديني داخل الحركة، لكن أنا أتحدث عن تيار سياسي شارك في الحوار على اعتبار أن ما قدَّمه من رؤية تتعلق باليمن بشكلٍ عام، وليست رؤية للحركة في جانبها الديني المذهبي الطائفي فقط، وهنا تحديدًا كان الخلاف، وتعمَّق كثيرًا بعد 21 سبتمبر 2014م عندما أصبحوا سلطة وتنكَّروا لكل الشعارات المدنية والوطنية والمطلبية التي رفعوها قبل ذلك، والتي كنا شركاء معهم على أساسها.

هل تطور الأمر لإقصاء؟
لم يكن هناك إقصاء، لكن كانت هناك محاولة لمحاصرتي هنا أو هناك، والحد من تأثيري؛ لأن صوتي أصبح مسموعًا في الكثير من المحافل، وتقدَّمتُ باستقالتي عدة مرات ورُفِضت؛ لأنهم كانوا يعرفون أن الاستقالة ستكون لها ردود فعل، وستُجيَّر ضدهم، إضافة إلى أنهم كانوا على علم بأن قبولهم استقالتي يعني انتقالي التام إلى موقع الخصم القوي والواضح لهم، ولم يكونوا يرغبون في ذلك. وقد يكون هناك بعض من التنافس داخل الحركة، إن جاز التعبير، لكن لم يكن لهذا النوع من المنافسة دور في دفعي للاستقالة، الخلاف الأهم والواضح والمعلن هو حول الممارسات التي ارتكبتها الحركة، ومحاولتي إصلاحها في بداية دخولهم صنعاء، ومطالبتي لهم بالتوقف عن تفجير منازل الخصوم، وبإعادة المنازل التي نهبوها واقتحموها، وكثير من المخالفات والانتهاكات التي سعيت جاهدًا لإصلاحها، وحين عجزت عن أن أقف أمام هذا الكم الكبير من الانتهاكات والظلم والجرائم اضطررت لأن أتقدَّم باستقالتي علنًا هذه المرة دون انتظار الموافقة عليها قبل إعلانها.
يقول مقرَّبون منك إنك بصدد تأليف كتاب عن جرائم ميليشيا الحوثيين؟
لقد ألَّفته بالفعل، ولا أحتاج لتأليف شيء، فلدي مدوَّنة مسجّلة فيها كل مقالاتي، وإن شاء الله سأحوِّلها لثلاثة كتب، منها كتاب خاص بالمقالات التي كتبتُها عن الحوثيين، وكل ما كتبتُه عنهم استقيتُ معلوماته من الولقائع الموثقة التي لم يتمكَّنوا من تفنيد حتى واحدة منها، وبدلًا من تفنيد ما أكتبه ضدهم لجأوا إلى كيل الكثير من التُّهم المستهلكة ضدي، والتي غالبًا ما يسوقونها ضد كل خصومهم مع الفارق، اتهموني بأني مع السعودية، وأنها أعطتني مرة 12 مليون ريال سعودي، وأخرى 5 ملايين، وثالثة 10 ملايين، فيما لم يتمكَّنوا من تفنيد تهمة واحدة قدَّمتُها ضدهم، وهم يشعرون بأني مؤلم لهم؛ لأني موضوعي في طرحي، إضافة إلى أني ابن المنطقة والمذهب، ولا تنطبق علي تهمة الداعشية والقاعدية، كما أنني لا أجرح في أشخاصهم، إنما أنقل ممارساتهم بالمعلومات وبالأرقام، وأحيانًا بالأسماء، بعكس الإعلام الآخر الذي يكِيل لهم التهم بأنهم فُرس وإيرانيون ورافضة ومجوس، وغيرها من التُّهَم المستهلكة التي لا أؤمن بها، وأستحي من ترديدها، أنا أتحدث عن ممارسات لسلطة قمعية، وتفجير منازل، وقتل، وفساد، وتدمير مؤسسات الدولة، ومخالفة الأنظمة والقوانين، وغيرها من التجاوزات المعروفة، وبالمقابل تجدهم يحاولون بشتى الطرق أن يكسروا صورتي لأنهم يعلمون أن تأثيري أقوى من غيري بحكم موضوعيتي في نقدهم، وبحكم أنى مدافع عنهم إلى الآن عندما يكونون في موقع المظلوم، فعندما أظهر على أي قناة حتى من الرياض لا أقبل أن يهاجمهم أحد بغير ما هو موجود فيهم فعلًا.

قبل قليل قلت إنك تدافع عن مبدأ وقضية.. والآن تقول إنك ستدافع عن الحوثيين إذا خرجوا من السلطة، هل تدافع عمن خرج من السلطة مهما كانت مبادئه خاطئة؟
إذا خرجوا ولم يتعرضوا  لظلم، على ماذا سأدافع عنهم؟ أنا فقط أتحدث عن أني ضد الظلم، وضد الاستبداد، وبالتالي هذه قناعة ثابتة عندما يأتي طرف كان مظلومًا ويظلم، أنا بطبيعتي سأهاجمه وأنتقده بغض النظر عمَّن يُوَجّه إليه الظلم.

*المسار السعودية
 
شارك الخبر