تشهد العاصمة اليمنية صنعاء تحركات سياسية وعسكرية غير معلنة في ظل تصاعد الخلافات بين شريكي الانقلاب الممثلين بالحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، على ضوء الهزائم الميدانية والخسائر المتواصلة التي تعرضا لها في مختلف المحافظات، وسط تسريبات عن تطورات حاسمة قد تشهدها الأيام المقبلة على صعيد الأزمة بين الطرفين.
وأفادت مصادر سياسية في صنعاء لـ"العربي الجديد"، بأن صالح وحزبه (المؤتمر الشعبي العام) يسعيان للإطاحة بـ"اللجنة الثورية العليا"، التي تُعدّ بمثابة أعلى هيئة في سلطة الأمر الواقع الحوثية منذ الإعلان الانقلابي الذي أصدرته الجماعة وحلّت بموجبه المؤسسات الدستورية (الحكومة، الرئاسة، البرلمان)، في السادس من فبراير/شباط من العام الماضي. ووفقاً للمصادر، يمارس صالح وحزبه ضغوطاً قوية على الحوثيين بعد رفضهم مقترحاً يقضي بإلغاء ما يُسمى "الإعلان الدستوري" ويسمح بعودة البرلمان، كمؤسسة شرعية يمتلك فيها حزبه أغلبية نيابية ويسعى من خلالها إلى مواجهة السلطة الشرعية بجزء مغيب منها. ونشر موقع مقرب من المخلوع مساء الثلاثاء خبراً مقتضباً عن أن مؤتمراً صحافياً سيُعقد في رئاسة الجمهورية أمس الأربعاء، وأن الرئاسة، التي لم يسمها، "تعتزم الإعلان عن خطوة سياسية، بصدد سد الفراغ في السلطة"، ومواجهة ما وصفه بـ"العدوان السعودي"، فيما "تشهد عواصم عربية بينها صنعاء، مشاورات مكثفة لذات الهدف"، حسب الموقع. وبعد ساعات من نشر الخبر تم استبدال المضمون بخبر مختلف تماماً، وفُهم ذلك على أنه ضمن ضغوط تُمارَس على الحوثيين.
وكانت الخلافات تصاعدت خلال الفترة الماضية في أكثر من مؤسسة حكومية يتولى إدارة أغلبها موالون للطرفين، ومن أحدث الخلافات بين الشريكين خلال الأيام الماضية في جامعة صنعاء، حيث مزّق الحوثيون لوحة أعدها طلاب متخرجون من أنصار صالح ووضعوا عليها صورته، وبادر أتباعه إلى دخول الجامعة وفرضوا الصورة بالقوة، فيما حاولت بعض القيادات من الطرفين معالجة القضية من دون مزيد من التصعيد. وأصدر الحوثيون ما يسمى "الإعلان الدستوري" في فبراير/شباط من العام الماضي وبموجبه أعطوا السلطة لـ"اللجنة الثورية العليا" التي يرأسها محمد علي الحوثي ويمارس منها مهام رئيس الجمهورية إلى حد كبير، من خلال إصدار القرارات وإجراء اللقاءات، غير أن ذلك الإعلان كان قفزة إلى المجهول، إذ لم تعترف به أي الدول الخارجية، فضلاً عن رفضه من قبل حليفهم حزب "المؤتمر".
ويسعى صالح لتحريك ما تبقّى من أوراقه بعد أن دخلت عمليات التحالف العربي شهرها الـ11، في حين سقطت الكثير من الرهانات التي كان الانقلابيون يعوّلون عليها وفي مقدمتها الاعتماد على عامل الوقت، وأن التدخل العربي سيتوقف بسبب الضغوط الدولية وطول أمد الحرب، وكل ذلك لم يحدث، ما دفع شريكي الانقلاب للتوجّه نحو بعضهما بعد سقوط الأوراق السياسية والعسكرية من يد الطرفين.
وفي التطورات الميدانية، كثّفت مقاتلات التحالف العربي غاراتها الجوية ضد مواقع يسيطر عليها الحوثيون والموالون لصالح، حيث سمعت انفجارات عدة في العاصمة، في ظل تواصل الضربات في صعدة وتعز وعمران. ونفذت مقاتلات التحالف عدة غارات في منطقة الربيعي في محافظة تعز، بالتزامن مع تواصل المعارك بين الانقلابيين من جهة، و"المقاومة" والجيش الموالي للشرعية من جهة أخرى في منطقة المسراخ وسط تقدّم لقوات الشرعية.
فيما ذكرت قناة "الإخبارية" السعودية أن 20 حوثياً على الأقل قتلوا في منطقة الربوعة على يد القوات السعودية، فيما أعلن الحوثيون قنص جنديين سعوديين وتفجير آلية عسكرية بالمناطق الحدودية مع جيزان.
وفي عدن، وصلت تعزيزات جديدة من قوات التحالف إلى ميناء الزيت في منطقة البريقة، تضم العشرات من المدرعات والأطقم المسلحة، وفقاً لمصادر محلية في المدينة. وتوقعت المصادر أن تشارك التعزيزات الجديدة في عدن بخطة أمنية لفرض الأمن في المدينة. وواجهت المنطقة تزايداً في عمليات الاغتيال في الفترة الأخيرة، والتي كان آخرها أمس اغتيال العقيد عبدالناصر سالم سعد في المنصورة بعدن.