الرئيسية / تقارير وحوارات / أسرة "شرف الشقب"..جريمة الحوثيين النكراء ومأساةٌ لم تعرف الانتهاء في تعز
أسرة "شرف الشقب"..جريمة الحوثيين النكراء ومأساةٌ لم تعرف الانتهاء في تعز

أسرة "شرف الشقب"..جريمة الحوثيين النكراء ومأساةٌ لم تعرف الانتهاء في تعز

11 يونيو 2020 05:48 مساء (يمن برس)

في قرية الشقب الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مدينة تعز ، يعيش الأستاذ "شرف محمد أحمد"  مع أطفاله وأسرته المكونة من 9 أفراد عاشرهم الحزن الأكبر  .

كان شرف _ كغيره من أبناء المنطقة _ ينعم بالأمان وبساطة العيش قاضيا وقته في تعليم أبناء قريته وإعالة أسرته من الراتب الذي يتقاضاه كونه أحد معلمي التربية في مديريته "صبر الموادم "  

ولكن جماعة الحوثي، رفضت أن يبقى أمان القرية وبساطة العيش فيها على قيد الحياة ، فقامت باجتياحها في شهر سبتمبر من العام 2015 وأحرقت أخضرها واليابس .

اختطاف شرف وتفجير منزله .

اقتحم مسلحو الحوثي في الرابع من سبمتبر عام 2016 منزل الأستاذ شرف وقاموا بإخراج أسرته واختطافه ثم بعد ذلك لغموا المنزل وفجروه . جميلة عبده مهيوب ، زوجة الأستاذ شرف تحكي تفاصيل القصة حيث تقول "جاء الحوثيون إلى المنزل وأخرجوني وأطفالي من داخله بالقوة وطردونا من البيت وقاموا بأخذ زوجي معهم " 

ولم يتوقف الحوثيون عند هذا الحد من الإجرام والانتهاك ولكنهم فعلوا ما هو أكبر من ذلك ، إذ تواصل "جميلة" حديثها " بعد أن طرودنا واختطفوا زوجي فجروا المنزل وداخله اثنان من أطفالي ، ذهبت اليوم الثاني لأبحث عنهما فوجدتهما قد فارقا الحياة ".

وعن زوجها  توصل جميلة :  ظل شرف مختطف معهم لمدة يومين ، عذبوه وأعادوه لنا لكنَّ عقله لم يعد معه"

كانت الكلمات التي تنطق بها جميلة تختزن أوجاع وطنٍ أثقلت كاهله الحرب وطغى لون الحزن على ملامح أبنائه وقلوبهم.

أسرته المنكوبة .

رغم حجم الكارثة التي حلت بالأستاذ "شرف" وما ارتكبته جماعات الحوثي بحقه ، إلا أنه لم يكن وجع أسرته الوحيد  ،  فطفلاه قد فقدا حياتهما أيضا عندما فجر الحوثيون منزله وهما بداخله ، وشقيقاه " ناصر" و"زيتون " رحلا برصاص قناص جماعة الحوثي ولحقت بهم "السيدة نعيم " زوجة "ناشر محمد" شقيق الأستاذ شرف .

كل هؤلاء أصابتهم رصاص الجماعات الحوثية في مقتل كما تقول السيدة "جميلة" التي لم تسلم هي الأخرى من النيران الحوثية ، فقد أصيبت أيضا كما أصيب  5 آخرون من أفراد أسرتها المنكوبة .

نزوح إلى خطرٍ آخر .

اضطرت عائلة الأستاذ شرف أن تلملم بقاياها وتنأى بنفسها إلى منطقة أخرى علها تنجو من فجائع قادمة ، ولكنها لم تجد ملاذا أمناً ، فاضطر بها الأمر إلى البقاء في منطقة "شَهِر" وهي المنطقة الأكثر خطراً بين بقية مناطق قرية الشقب ؛ وذلك كونها في خط التماس وأمام مرمى مسلحي الحوثي ، وهو الأمر الذي أدى إلى استهداف آخرين من أفرادها بعد ذلك . تقول جميلة : نحن هنا ، لا نستطيع التحرك والذهاب إلى ودياننا لجلب أعلاف مواشينا ، يقنصك الحوثي عند أول فرصة يراك أمامه ، أطفالي اثنان منهم عند عمهم في منطقة "عركب" ذهبتُ بهما إليه ، كي يستطيعا الذهاب إلى المدرسة ويتعلما دون خطر الموت .

لم يكن خوف جميلة على طفليها  عبثاً ، فالدماء التي نزفت من جسدها وجسد زوجها وآخرين  قضوا برصاص الحوثيين أو أصيبوا ،جعلها تدرك يقيناً أن الجماعة الحوثية لا تعرف إلا القتل والدمار  ولا تعجبها إلا رائحة الدماء ومناظر الأشلاء الممزقة ..

عائلة بلا إعالة ..

يومان فقط ، كل ما قضاه الأستاذ شرف في معتقل الحوثيين ، لكنها كانت بمثابة سنينٍ من العذاب ، فقد عاد الأستاذ  فاقداً لعقله ، فاختل نظام الأسرة وموازين أحلامها النبيلة ،  وزوجته جميلة صارت تبحث في أرجاء الأرض لتوفر له علاجا يهدئ ولو قليلا من اضطراب عقله وتجد لقمة العيش التي تسد بها جوع أطفالها في ظل خطر التواجد الحوثي ومرارة النزوح والمرض ، حيث تقول جميلة " أصبح حالاً مأوسايا ، كلما توفر العلاج أعطيه لزوجي وفي حالة عدم توفره فإنني أضطر لوضع قيوداً على قدميه "

لا يوجد ما هو أصعب من هكذا ألم ، فالأستاذ الذي كان يكسر قيود الجهل ويفتح آفاقا للعلم ونوافذَ مضيئة للمعرفة ، أصبح الآن مكبلا في غرفته الخالية إلا من  الوجع .

وعن الوضع المعيشي والصحي لأسرة شرف يقول "شهاب عبيد" وهو أحد أبناء المنطقة في حديثه  : الوضع في قرية الشقب مأساويٌّ للغاية ، ولكن  أسرة شرف تعيش وضعا استثنائيا أشد حرجاً وكارثية عن غيرها من بقية أسر القرية" .

فالأسرة ،كما يقول شهاب " فقدت خمسة من أفرادها وفُجعت بإصابة أكثر من هذا العدد بعضهم سببت له الإصابة إعاقة دائمة .

وتناشد جميلة الجهات المعنية والمنظمات الحقوقية والإغاثية أن تنظر لأسرتها بعين الرحمة والمساعدة وأن تمد لها أيادي العون لإنقاذ ما تبقى منها والنأي بها بعيداً عن رصاص الموت المتربص في التبة المقابلة .

انتهاكات واسعة بحق المعلمين 

لم يكن الأستاذ شرف وحده ، من بين زملائه التربويين ، ضحية هذه الحرب والممارسات الحوثية ولكنه واحد من عشرات الآلاف الذين تجرعوا مرارة الحرب وذاقوا ويلاتها بمختلف الأساليب والطرق .

حيث تشير إحصائات رسمية نشرتها نقابة المعلمين في أكتوبر من العام 2019 واطلع عليها   أن الجماعة الحوثية قتلت خلال السنوات الأربع من الحرب أكثر من 1500 معلم ومعلمة وأصابت قرابة 2400 من العاملين في القطاع التعليمي بإصابات نارية مختلفة نتج عن بعضها إعاقات دائمة .

وخلال 2019 قتلت جماعة  الحوثي في محافطتي أمانة العاصمة وصنعاء فقط 53 معلماً بينها 7 حالات وفاة تحت التعذيب، واعتدت جسدياً على 579 معلماً  أصيب بعضهم بحالات نفسية كما هو حال الأستاذ شرف محمد ، وأصدرت الجماعة  10 أحكام بإعدام مدراء مدارس ومدرسين  ،كما أشارت الإحصائيات إلى وجود 898 حالة اختطاف شملت مدرسين وطلاب .

وكشف تقرير نقابة المعلمين أنه وحتى أغسطس الماضي تعرض 294 معلماً للتعذيب الوحشي في سجون جماعة الحوثي ، و6522 حالة نهب للمرتبات والمساعدات.

شارك الخبر