الخميس ، ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٢٧ صباحاً

الفردوس...ملاعب لأطفال الحالمة !

سام البحيري
السبت ، ١٢ ديسمبر ٢٠٢٠ الساعة ٠٥:٢٩ مساءً

في مدينة ضاقت على أهلها حصارا كان يبحث عن أقل الأشياء لجلب السعادة. لا حدائق ولا منتزهات، ولا رواتب تمنح الأهل فرصة الترفيه عن الأبناء.

لعل يوم السبت هو فرصة لمنح الأبناء فسحة بسيطة، وكسر الروتين المعتاد في صفوف الدراسة.

وبروح تعشق الرياضة وحلم يراه في فلذة كبده الذي تتأرجح بين قدميه كرة القدم كلما لمح شهائد التكريم والأوسمة والميداليات المعلقة على حائط المنزل... يسأل والده منذ الصغر من هذا الذي بجانبك في الصورة؟  فيجيبه هذا كابتن الفريق الذي كنا نلعب فيه في نادي الطليعة، وهذا صديقي كان يلعب معنا في نفس تشكيلة الفريق وذاك الأستاذ شوقي هائل أثناء تكريم النادي....وتلك في نادي الأهلي أثناء فوزنا كأفضل فريق ، ويسرد لطفله كل حكايات الصور والأوسمة المعلقة على الحائط المتواضع.

كأي أب يحب أن يترك لولده إرثا يحيا به ومعه إلى الأبد، أراد الكابتن ناصر أن يترك لولده إرث الساحرة المستديرة، وكنوع من الهروب عن الواقع والابتعاد عن الحرب وأهلها والظروف المعيشية المنهكة كان الأب يقضي وقته للعودة إلى أدراج الماض أمام حاضر لم يمنحه سوى البطالة والإهمال من كل الجهات.

بروح تتراقص كالأطفال الذين نزلوا الميدان ليصبحوا ذات يوم كهذا الكابتن الذي يحبه كل أهل الحي

التفوا حوله كصغار الطيور، وخلف الكرة المستديرة توجهوا إلى النادي الأهلي..

عمران ذي العشر سنوات قبل أن يغادر نسي أن يضع الشارة على ساعده -علامة الكابتن- وفي منتصف الطريق أخبر والده أنه نساها،  قال له لا بأس ستضعها على ساعدك في مرات قادمة هيا بنا أسرع ...

بروح الطفولة كان الأب يقطع المسافة إلى النادي وبنهم الشباب كان الأطفال يسابقونه بزعمهم الانتصار في السباق على الأب والكابتن ناصر، كان يبتسم لذلك الحماس ويستعيد في مخيلته شريط الذكريات والحلم يعشعش في مخيلته متى سيرى ولده عمران يتخطى المراحل ليصل إلى ما وصل إليه والده.

عمران الذكي جدا حتى بتساؤلاته ليلة البارحة كان يسأل والده  هل سأصبح ذات يوم مثلك يا أبي؟  وهل سأستلم الكأس؟  نعم...نعم ستكون كذلك.

أثناء التمرين كان يذكره بذلك: أحسنت يا عمران اجتهد أنت ومن معك لتستلموا الكأس في المستقبل..

كان يسدد الضربات برفق الأب وبروح الكابتن والمدرب، لكن قذيفة حوثية سددت خبثها لتنقله من عشب الأهلي الأخضر إلى أهل الله في الرفيق الأعلى.

قذيفة سلبت الأم ولدها والزوجة زوجها وخلفت الأطفال ممن كانوا معهم معطوبي أحلام وعلى أجسادهم خبث قذيفة نحتت الجراح الدامي والفقد لرفيق  كان يحلم معهم بأن يصبحوا ذات يوم من أصحاب الشهرة والنجومية في عالم كرة القدم.

بجرح واحد تنزف المدينة وبأنين مثقل بالنحيب تبكي هذا الفراق..ففي الوقت الذي يتراص 1000جريح في ساحة الحرية أبت شهوة الخبث إلا أن تكلل هذا اليوم بالموت والجراح.

عمران ماعاد يلعب خلف المستديرة، ذهب إلى ربه ليرفع ملف التحكيم ضد من سددوا قذائف الموت،عمران  يقيم في الفردوس.. ملاعب لأطفال الحالمة من سقطوا في الحرب وعند الله يعلن الدور النهائي لكل ظالم جبار.