الخميس ، ٠٣ اكتوبر ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٧ مساءً

معجزة ليفربول وجنون كرة القدم !

منتصر منصور
الثلاثاء ، ١٨ مايو ٢٠٢١ الساعة ٠٥:٢٤ مساءً

"لم أتصدر كل هذا الوقت لأفرّط بها الآن"..كان هذا لسان حال مدرب أتلتيكو مدريد بعد الانتصار الثمين الذي حققه أمام أوساسونا في الجولة ما قبل الأخيرة من الليجا الإسبانية..انتصار قلب فيه أبناء سيميوني الطاولةَ على الفريق الخصم بعد أن كانوا متأخرين في النتيجة إلى الدقيقة 82 ..الهدف الذي تلقاه أتلتيكو جعل الرياليين على بعد 15 دقيقة من اعتلاء صدارة الترتيب سيما أن فريقهم كان متقدما على بيلباو بهدف نظيف في ذات الوقت،والنتيجة هذه تقرّب الريال أكثر من حصد لقبه الخامس والثلاثين وتُبخّر أحلام أتلتيكو وجهوده التي بذلها طيلة الموسم..لكن مفاجآت كرة القدم لا تتوقف فالفريق المتصدر شن هجوما كاسحا على خصمه وتمكن من تعديل النتيجة قبل انتهاء الوقت الأصلي بثمان دقائق،إلا أن التعديل وحده ليس كافيا للحفاظ على الصدارة وهو ما يعرفه جيدا لاعبو الفريق ليأتي نجم البرشا السابق "لويس سواريز" ويسجل هدف التقدم لفريقه..هدفا لدغ به سواريز الرياليين قبل أوساسونا وأقعدهم على كرسي انتظار الجولة الأخيرة،الجولة الحاسمة التي يتوقف فيها تحديد البطل على نتيجة مباراة أتلتيكو أمام بلد الوليد أكثر من نتيجة مباراة الريال التي سيواجه فيها فياريال المنتشي بفوزه العريض على إشبيلية.

ولم تكن المفاجآت وحدها مقتصرة على الدور الإسباني..فقد شهد الدوري الإنجليزي واحدة من أغرب هذه المفاجآت وأكثرها جنونا.. حصل ذلك بالتحديد في المباراة التي جمعت فريق ليفربول الذي يصارع للحصول على مقعدٍ في دوري الأبطال وفريق ويست بروميتش الهابط رسميا إلى الدرجة الثانية..ويست بروميتش دخل اللقاء متسلحـًا بغروره وثقته بقدرته على تعذيب الريدز ولعل هذا الغرور سببه أنه يلعب مباراة لا قيمة لنقاطها ولا معنى كما أنه تمكن في لقاءات سابقة من عرقلة الريدز وآخرها مباراة الذهاب التي انتهت بالتعادل الإيجابي..

أما ليفربول فقد وجد نفسه أمام مهمة صعبة ودخل المباراة لحصد النقاط الثلاث ولا شيء غير ذلك..فالتعثر في هذه الجولة قد يحرمه المشاركة في الأبطال بشكل كبير ..الفريق الهابط العنيد بدأ اللقاء وكأنه يعلب نهائي دوري الأبطال بل وتمكن من إحراز هدف التقدم عند الدقيقة الخامسة عشرة من زمن الشوط الأول..التقدم جعل ليفربول في مأزق كبير لكن الفريق تدارك الأمر واستعاد تركيزه وتمكن من إدراك التعادل عن طريق صلاح في الدقيقة 33 ليستمر بعدها بشن هجماته على الفريق الخصم..وكلما مر الوقت ارتفع نسق المباراة وزاد إيقاعها من جانب الكتيبة الحمراء..وبالرغم من الفرص الكثيرة التي سُنحت للّاعبين إلا أن الكرة أبت معانقة الشباك..سيطر أبناء كلوب على طول الملعب وعرضه وقدموا مباراة في قمة الأداء والتركيز لولا غياب التتويج والنجاعة الهجومية..لقد كان سوء الحظ واقفـًا في مرمى بروميتش ويحول دون مرور الكرة إليه .. 95 دقيقة مشتعلة مرت ولم يستطع لاعبو ليفربول من إحراز هدف التقدم الذي قد يساوي مقعدًا في أكبر البطولات القارية على مستوى العالم..ولكن المعجزة والحدث الذي لا تصدق هو أن الهدف جاء أخيرًا عن طريق رأسية الحارس "أليسون بيكر" في آخر لحظة من المباراة..ما عجز عنه 10 لاعبين طوال الـ95 دقيقة فعله الحارس في آخر ثانية..فأي إثارة هذه التي تحدث في كرة القدم وأي عقل يصدق هذا السيناريو المجنون!

هدف أليسون المعجزة أشعل الصحافة الإنجليزية وتغنى به الجميع وقد يكون هو الهدف الأغلى لليفربول هذا الموسم؛لأنه قربهم من الحصول على مقعد في الأبطال،وعدم الحصول عليه سينعكس سلبـًا على الفريق برمته وقد يتسبب برحيل أبرز نجومه بما في ذلك الدولي المصري محمد صلاح..

أما أليسون فقد غفر له الهدف ما تقدم من أخطائه التي أثرّت بشكل أو بآخر على نتائج الفريق لا سيما ما فعله أمام ليستر وكذلك أمام مان سيتي حامل لقب البريميرليج هذا الموسم .

وفي الدوري الفرنسي تفرض الإثارة والمتعة نفسهما حتى الجولة الأخيرة،الجولة التي تتجه إليها أنظار عشاق كرة القدم خاصة مشجعي كبار الأندية الفرنسية لمعرفة حامل اللقب، وقد شهد الدوري الفرنسي منذ انطلاقته هذا العام إثارة كبيرة بين أربعة من أشرس المتنافسين والفارق بين المتصدر ليل وصاحب المركز الرابع ليون 4 نقاط فقط،فيما يضيّق الباريسيون الخناق على ليل الذي تعثر في الجولة الماضية وحافظ على الصدارة بفارق نقطة واحدة عن البي إس جي وثلاث نقاط عن موناكو صاحب المركز الثالث.

التقارب النقطي بين الأندية الأربعة دليل على شراسة المنافسة وتقارب المستوى بينها وهو ما يشعل فتيل المتعة ويرفع منسوب الحماس إلى أعلى مستوياته .

وفي الدوري الإيطالي لم تختفِ الإثارة في أزقة مدينة ميلان بعد أن أطلقت السيدة العجوز سراح البطولة وتشبث بها الإنتر دونـًا عن سواه؛ فالسيدة العجوز أدركت حجم الخطر الذي يحيط بالنادي العريق خاصة وأنه يقبع في المركز الخامس الغير مؤهل لدوري الأبطال فاستيقظت بفوز ثمين على حامل لقب الكالتشيو..استيقاظ اليوفي جاء متأخرًا إلى حد كبير ولكن سحابة الأمل بالتأهل ما زالت تحلق في سماء إيطاليا وتنتظر الجولة الأخيرة لتهطل إما على يوفنتوس أو تذروها الرياح إلى ميلان ونابولي اللذين يحتاجان للفوز في هذه الجولة ليضمنا التأهل إلى بطولة ذات الأذنين ويغادر يوفنتوس إلى الدوري الأوربي الذي لا يطيب لأحدٍ المغادرة إليه، خاصةً يوفنتوس الذي تعاقد مع كريستيانو رونالدو للظفر بالأبطال لا أن تبطل في ظل وجوده فعالية النادي ومفعول التأهل. 

أما في تركيا، فثمة حكاية أخرى، فرغم انتهاء جولات الدوري وتتويج بشكتاش باللقلب إلا أن التتويج جاء بشكل لم يكن يتوقعه أحد ولا يحدث كثيرا في كرة القدم،فالفريق البطل ووصيفه "جلطة سراي" تنافسا أيما منافسة وتساوى في كل شيء بعد أن لعبا 40 جولة ولم يمنح بشكتاش اللقب ويحرم خصمه الشرس منه سوى هدفٍ واحد..هدف واحد كان فارق إجمالي الأهداف بين صاحب المركز الأول والثاني..فهل ثمة إثارة أكبر من أن تلعب 40 جولة وتسجل 89 هدفا ولا يمنحك البطولة سوى تأخر منافسك عنك بهدف وحيدٍ كأي هدف عادي تسجله في أي مباراة وتكتفي بالركض وبعض التصفيق احتفاء به ! .