الرياض تحقق في 4 سنوات ما استغرق من دبي عقدين كاملين. هذه ليست مبالغة صحفية، بل واقع يؤكده رقم مدهش: 600 شركة عالمية عملاقة اختارت العاصمة السعودية مقراً إقليمياً لها، متجاوزة بذلك الهدف الأصلي المحدد لعام 2030.

منذ إطلاق البرنامج السعودي لجذب المقرات الإقليمية عام 2021 بتوجيه من الأمير محمد بن سلمان، شهدت الرياض انقلاباً حقيقياً في خريطة الاقتصاد العالمي. أسماء لامعة مثل أمازون وغوغل ومايكروسوفت وسامسونغ وغولدمان ساكس نقلت عملياتها الإقليمية التي تغطي 75 دولة في بعض الحالات إلى العاصمة السعودية.

الأرقام تحكي قصة نجاح استثنائية: ارتفعت استثمارات القطاع الخاص إلى 1.2 تريليون ريال في 2024، بينما شهدت المملكة إصدار 40 ألف رخصة استثمار أجنبي. هذا التدفق الاستثماري ليس صدفة، بل نتاج استراتيجية محكمة تضمنت حوافز ضريبية صفرية لمدة 30 عاماً وقرار عدم منح عقود حكومية للشركات التي لا تملك مقراً إقليمياً.

في القطاع المصرفي وحده، تشهد المملكة نمواً مذهلاً حيث وصلت أصول القطاع المصرفي إلى 4,494 مليار ريال، مع نمو الائتمان الخاص بنسبة 13% ليصل إلى 69% من الناتج المحلي الإجمالي. عدد الشركات التقنية المالية قفز إلى 261 شركة، بينما وصلت حصة المدفوعات الإلكترونية إلى 79%.

ما يحدث اليوم في الرياض يضعها في مواجهة مباشرة مع مراكز مالية عالمية راسخة. الرياض تساهم بـ47% من الناتج غير النفطي للمملكة، مدعومة بمشاريع عملاقة مثل القدية والدرعية. البورصة السعودية شهدت إدراج 44 شركة جديدة لتصل إلى 353 شركة مدرجة، بينما تجاوزت الأصول المُدارة تريليون ريال بنمو 169% منذ 2017.

هذا التحول الجذري لم يعد مجرد طموح، بل واقع ملموس يعيد تشكيل خريطة الاستثمار العالمي. برؤية 2030 وإكسبو 2030 في الأفق، تقف الرياض على أعتاب منافسة حقيقية للمراكز المالية التقليدية التي بنت مكانتها عبر عقود طويلة، لكن العاصمة السعودية تحقق في سنوات ما حققوه في عقود.