في تطور صادم هز الأسواق اليمنية، سجل الريال اليمني انهياراً تاريخياً جديداً مساء اليوم الجمعة في العاصمة الاقتصادية عدن، حيث اخترق الدولار الأمريكي حاجز 1630 ريال للمرة الأولى في التاريخ، بينما حلق الريال السعودي إلى مستوى قياسي جديد عند 428 ريال. راتب الموظف اليمني البالغ 100 ألف ريال لا يساوي اليوم سوى 61 دولاراً أمريكياً فقط! كل ساعة تأخير تعني خسارة المزيد من قيمة مدخراتك في مشهد مأساوي يعيد للأذهان انهيار العملات في أسوأ الأزمات العالمية.
في محلات الصرافة بمنطقة الشيخ عثمان، تشهد الأسواق حالة من الفوضى والقلق الشديد، حيث يقف المواطنون في طوابير طويلة محملين بحزم ضخمة من الأوراق النقدية، بينما تملأ أصوات المناقشات الحادة حول الأسعار المكان. فارق 13 ريال بين شراء وبيع الدولار يعكس حالة عدم الاستقرار الشديدة التي تعصف بالاقتصاد. "الوضع خرج عن السيطرة تماماً، نحن أمام كارثة اقتصادية حقيقية"، يقول محمد العولقي، أحد الصرافين المخضرمين، وهو يشاهد وجوه الزبائن القلقة وأيديهم المتعرقة من التوتر.
منذ 2015 والريال اليمني في انهيار مستمر بسبب الحرب المدمرة التي أوقفت الإنتاج وشلت الاقتصاد. انقسام البنك المركزي، توقف صادرات النفط بالكامل، وضعف الاحتياطي النقدي كلها عوامل ضربت العملة بلا رحمة. هذا الانهيار يذكرنا بمآسي عملات أخرى كالليرة اللبنانية التي فقدت 95% من قيمتها، لكن الريال اليمني يهوي كالحجر الذي يسقط من قمة جبل صبر. د. سالم باعباد، الخبير الاقتصادي المتخصص، يحذر بقوله: "نشهد أسوأ انهيار عملة في تاريخ اليمن الحديث، وقد نشهد وصول الدولار إلى 2000 ريال خلال الأشهر القادمة إذا لم تتدخل القوى الدولية فوراً."
على أرض الواقع، تواجه الأسر اليمنية مأساة حقيقية. فاطمة أحمد، ربة منزل من حي كريتر، تروي بحسرة: "أصبحت أحسب ثمن الخبز بالألوف بدلاً من الريالات، ما كان يكفي لأسبوع كامل أصبح لا يكفي ليوم واحد." ربة البيت تحتاج اليوم إلى 50 ألف ريال لشراء ما كانت تشتريه بـ10 آلاف قبل سنوات قليلة. أحمد محسن، الموظف الحكومي براتب 80 ألف ريال شهرياً، بات راتبه يعادل 49 دولار فقط، بينما الصرافون الأذكياء مثل محمد العولقي يحققون أرباحاً ضخمة من هذه الفوضى. موجة إفلاس جديدة تهدد المحلات التجارية، وتتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل مرعب، والخبراء ينصحون المواطنين بتحويل مدخراتهم لعملات صعبة فوراً قبل فوات الأوان.
الدولار عند 1630 ريال، الريال السعودي عند 428، والوضع خارج السيطرة بالكامل. مستقبل مجهول ينتظر العملة والاقتصاد اليمني، وأزمة إنسانية أعمق تلوح في الأفق. الحل الوحيد الآن هو التحرك السريع: تحويل المدخرات، البحث عن بدائل، والتكيف مع الواقع المرير. السؤال المحوري الذي يطرح نفسه بقوة: إلى أين سيصل انهيار الريال اليمني.. وهل من منقذ لاقتصادنا المحتضر؟