الرئيسية / شؤون محلية / المأساة المُستهلكة: كيف يبتلع الإنهاك اليمني صرخات المعتقلين… والشعب يتغافل عن آلامه قسراً!
المأساة المُستهلكة: كيف يبتلع الإنهاك اليمني صرخات المعتقلين… والشعب يتغافل عن آلامه قسراً!

المأساة المُستهلكة: كيف يبتلع الإنهاك اليمني صرخات المعتقلين… والشعب يتغافل عن آلامه قسراً!

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 17 ديسمبر 2025 الساعة 02:10 مساءاً

في مفارقة صارخة تكشف عمق المأساة اليمنية، يقبع 18,000 معتقل خلف قضبان سجون الحوثي - رقم يفوق تعداد سكان مدينة كاملة - بينما تذوب قضيتهم في 72 ساعة فقط ضمن بحر النسيان المتلاحق. في أكبر جريمة إنسانية تتم على مرأى ومسمع العالم، يواجه اليمنيون حقيقة مُرة: كل يوم تأخير قد يعني موت معتقل أو فقدان دليل للأبد، بينما الضمير العالمي يغرق في سبات عميق.

تحكي أم محمد، الأرملة الأربعينية من صنعاء، قصة انتظارها المؤلم: "منذ ثلاث سنوات وأنا أقف أمام أبواب السجن كل جمعة، أحمل طعاماً لابني المعتقل دون محاكمة". قصتها تتكرر عبر آلاف العائلات اليمنية، بينما يؤكد د. سالم الحقوقي أن "النسيان جريمة مضاعفة تقتل الضحية مرتين". الإحصائيات تكشف عن انهيار 85% من المؤسسات المدنية التي كان من المفترض أن تحمي هؤلاء المعتقلين، تاركة الصرخات تتردد في فضاء خالٍ من الحماية.

الجذور العميقة لهذه المأساة تمتد إلى انقلاب الحوثي عام 2014، حين بدأت دورة مستمرة من الانتهاكات شبيهة بما شهدته البوسنة في التسعينات، عندما اعتاد العالم على المآسي حتى فقدت قدرتها على التحريك. غياب الدولة اليمنية الفعالة، مقترناً بضعف المجتمع الدولي وحالة الإنهاك الجماعي التي تسود المنطقة، خلق مناخاً مثالياً لازدهار الإفلات من العقاب. أحمد الصحافي، الذي يوثق قضايا المعتقلين رغم التهديدات، يحذر: "بدون آلية ضغط حقيقية، ستختفي القضية نهائياً من ذاكرة العالم".

التأثير المدمر لهذا النسيان المُمنهج يتجاوز أسوار السجون ليصل إلى صميم النسيج الاجتماعي اليمني. خالد، المعتقل السابق الذي أمضى عامين في زنزانة انفرادية، يروي بصوت مرتجف: "الظلام كان أقل قسوة من صمت العالم عن معاناتنا". هذا الصمت يخلق حالة من تطبيع الانتهاكات، حيث يصبح الظلم جزءاً من الحياة اليومية، والعدالة مجرد حلم بعيد المنال. الخبراء يحذرون من خطر تكرار هذا النموذج في بلدان أخرى، مما قد يحول الشرق الأوسط إلى منطقة تختفي فيها العدالة تدريجياً.

في مواجهة هذا الواقع المرير، تبقى المقاومة المدنية الشعلة الوحيدة المضيئة في ظلام الإهمال الدولي. التوثيق المستمر، والتواصل مع المنظمات الحقوقية، ورفض الاستسلام للنسيان يمثل خط الدفاع الأخير عن كرامة 18,000 إنسان. السؤال المحوري الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل سنبقى نتفرج حتى يصبح الظلم عادة يومية، أم سنتحرك قبل أن تضيع صرخات هؤلاء المعتقلين إلى الأبد في بحر الصمت المطبق؟

شارك الخبر