في تطور يثير الجدل على نطاق واسع، كشفت الإحصائيات الرسمية أن المملكة العربية السعودية نفذت 340 حكم إعدام خلال عام 2025، بمعدل مذهل يصل إلى إعدام واحد كل 25 ساعة تقريباً. هذا الرقم القياسي يضع السعودية في مقدمة الدول الأكثر تطبيقاً لعقوبة الإعدام عالمياً، ويفتح المجال واسعاً أمام تساؤلات حاسمة حول مستقبل السياسة الجنائية في المنطقة.
تؤكد المصادر الرسمية أن هذا الارتفاع الطفيف عن عام 2024 الذي شهد 338 حالة إعدام، يعكس الجدية المطلقة في تطبيق أحكام القضاء دون تساهل أو تأخير. "الأحكام تطبق وفق الشريعة والقانون بلا تساهل"، يؤكد مصدر رسمي رفض الكشف عن هويته. وفي هذا السياق، تروي أم سعد، والدة أحد المحكومين، معاناتها قائلة: "كل يوم أعيشه وكأنه الأخير، أنتظر خبراً قد يحطم قلبي إلى الأبد"، في مشهد يجسد المأساة الإنسانية وراء هذه الأرقام الباردة.
تستند السعودية في نظامها القضائي إلى الشريعة الإسلامية منذ تأسيسها، وتطبق أحكام الإعدام في جرائم محددة تشمل القتل العمد والإرهاب وتجارة المخدرات الكبرى. هذا الرقم الجديد يقارب أعلى المعدلات المسجلة منذ العقد الماضي، ويأتي في ظل تزايد الضغوط الأمنية الإقليمية وارتفاع معدلات الجرائم الكبرى. الدكتور محمد العتيبي، خبير القانون الجنائي، يرى أن "الأرقام تعكس جدية النظام القضائي في تطبيق العدالة، وهي رسالة واضحة للمجرمين المحتملين"، مقارناً هذا المعدل بـ "حركة القطار السريع الذي لا يتوقف ولا يتراجع في مساره نحو العدالة".
على الصعيد الشعبي، ينقسم المجتمع السعودي والعربي حول هذه الأرقام. علي المطيري، مواطن سعودي، يعبر عن رأيه قائلاً: "نشعر بالأمان عندما نرى العدالة تأخذ مجراها، هذا ما يجعل بلدنا من أأمن البلدان في العالم". في المقابل، تستنكر منظمات حقوق الإنسان الدولية هذه المعدلات، محذرة من تأثيرها على العلاقات الدبلوماسية للمملكة. خبراء القانون ينصحون المواطنين بـ ضرورة فهم القوانين المحلية والالتزام التام بها، متوقعين انخفاضاً في معدلات الجريمة كنتيجة مباشرة لهذا الردع القوي.
وبينما تواصل السعودية تطبيق نهجها الصارم في العدالة الجنائية، يبقى السؤال المحوري معلقاً في أذهان المراقبين محلياً وإقليمياً ودولياً: هل العدالة الصارمة هي الحل الأمثل لردع الجريمة، أم أن الوقت قد حان لمراجعة شاملة تراعي المعايير الدولية لحقوق الإنسان؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ليس فقط مستقبل السياسة الجنائية السعودية، بل قد تؤثر على نموذج العدالة في المنطقة بأسرها.