من مقاعد شبه فارغة إلى "آسف، لا توجد مقاعد متاحة" في غضون أسابيع قليلة، حقق المنتخب الأردني معجزة اقتصادية حقيقية لم يتوقعها أحد. تضاعفت إيرادات المقاهي والمطاعم بشكل مذهل مع كل فوز للنشامى، وأصبح الحصول على حجز لمشاهدة المباراة مهمة شبه مستحيلة. مع اقتراب مباراة نصف النهائي أمام السعودية، تسجل جميع المقاهي "مكتملة العدد" في مشهد اقتصادي لم تشهده البلاد منذ سنوات.
يروي أحمد سعود، صاحب مطعم في العاصمة عمان، قصة نجاح مذهلة: "لجأت إلى تركيب شاشات عرض داخل المطعم لتلبية رغبة الزبائن، والنتيجة كانت صاعقة." ويضيف بحماس واضح: "في الأيام العادية، يأتي الزبائن لتناول الطعام ويغادرون بسرعة، أما الآن فيجلسون وقتاً أطول، ما يضاعف الطلبات ويرفع الدخل بشكل غير معتاد." من ناحية أخرى، يعيش محمد كنعان خيبة أمل حقيقية بعد فشله في الحصول على حجز له ولأطفاله، حيث أخبرته المطاعم بـ"عدم وجود مقاعد فارغة نتيجة الإقبال الكبير من المشجعين."
الحقيقة المذهلة أن هذا التحول الجذري بدأ تدريجياً مع تألق النشامى في كأس العرب. فبعد عقود من الغياب عن المنافسات القوية، عاد المنتخب الأردني ليحتل مكانة مرموقة، وسط فرحة جماهيرية عارمة تحولت إلى انتعاش اقتصادي حقيقي. أحمد العاصي، صاحب مقهى في عجلون، يعبر عن هذا التحول بصراحة: "تمنيت أن تكون جميع أيام السنة مليئة بمباريات المنتخب الوطني، لتستقبل المقاهي أعداداً كبيرة من المشجعين." والمقارنة صادمة: من حضور ضعيف في المباراة الأولى أمام الإمارات، إلى ازدحام قياسي وصل ذروته في مباراة ربع النهائي أمام العراق.
التأثير تجاوز الأرقام ووصل إلى تغيير عادات المواطنين اليومية بشكل جذري. خلدون السعودي، أحد المشجعين المتحمسين، يؤكد: "الأداء المتميز للمنتخب دفعني للاستجابة لدعوة أصدقائي للتجمع في المقاهي، والأجواء التفاعلية كانت مثيرة بشكل لا يُصدق." هذا التحول خلق فرصاً ذهبية لأصحاب المقاهي الذين استثمروا في شاشات العرض والتجهيزات، لكنه أيضاً خلق تحديات في إدارة الازدحام وتلبية الطلب المتزايد. الآن، مع اقتراب المواجهة الحاسمة أمام السعودية، تشهد الشوارع الأردنية حالة ترقب اقتصادية حقيقية.
في مشهد يلخص حجم هذه المعجزة الاقتصادية، يقف آلاف المشجعين أمام تحدٍّ حقيقي: العثور على مكان لمشاهدة المباراة الحاسمة. هل سيستمر هذا الانتعاش؟ هل سيصل النشامى للنهائي ويكتبوا فصلاً جديداً في التاريخ الاقتصادي الأردني؟ الإجابة ستكون خلال ساعات قليلة، لكن شيئاً واحداً مؤكد: كرة القدم غيّرت وجه الاقتصاد المحلي بطريقة لم يتخيلها أحد. والسؤال الآن: هل سيكون هذا بداية عصر ذهبي جديد للمنتخب والاقتصاد معاً؟