في تطور جوي مفاجئ هز المملكة من شمالها إلى شرقها، أصدر المركز الوطني للأرصاد إنذاراً أحمر عاجلاً يشمل 40% من مساحة المملكة للمرة الأولى منذ أسابيع، مما يعني أن ملايين السعوديين يستيقظون اليوم على واقع جديد تماماً. الساعات القادمة ستحدد مصير 3 مناطق حيوية تضم الحدود الشمالية وحائل والمنطقة الشرقية، حيث تتجه عاصفة مطرية استثنائية لتغمر المنطقة بأمطار قد تشل الحياة العامة تماماً.
المديرية العامة للدفاع المدني دقت ناقوس الخطر عبر منصة إكس بتحذير عاجل، فيما أكد العقيد محمد النويصر، المتحدث الرسمي، جاهزية جميع فرق الإنقاذ للتدخل الفوري قائلاً: "نصحت المديرية الجميع بأخذ الحيطة والحذر واتباع الإرشادات والابتعاد عن تجمعات المياه وبطون الأودية والسدود". أحمد السليمان، مقيم في حائل، اضطر لاتخاذ قرار مؤلم بإلغاء رحلة العمرة المنتظرة منذ شهور قائلاً بحسرة: "الأمان أولاً، والعمرة يمكن تأجيلها، لكن الأرواح لا تُعوض". الأرقام تتحدث عن هطول أمطار بمعدل يتجاوز 50 ملم في الساعة الواحدة - ما يوازي شهرين كاملين من الأمطار العادية خلال ساعة فقط.
الوضع الحالي يستدعي مقارنات مع عواصف الخريف المدمرة التي اجتاحت نفس المناطق العام الماضي وتطلبت تدخل مئات فرق الإنقاذ. د. سعد العتيبي، خبير الأرصاد الجوية المعروف، وصف الحالة بعبارات مثيرة: "الإنذار الأحمر يعني فتح صنابير المياه السماوية بأقصى قوة، وهذا ما سنشهده خلال الساعات القادمة". منخفض جوي عميق يتحرك بقوة عبر شمال الجزيرة العربية محملاً بكتل مطرية كثيفة لم تشهدها المنطقة منذ فترة طويلة، والتوقعات تشير لاستمرار هذا الوضع الاستثنائي لمدة 2-3 أيام كاملة مع تحسن تدريجي بطيء.
التأثير على الحياة اليومية للمواطنين بدأ فعلياً قبل ساعات من وصول العاصفة، حيث شهدت المستشفيات إلغاءات جماعية للمواعيد الطبية، وأغلقت مراكز التسوق أبوابها مبكراً تحسباً للطوارئ، فيما انتعشت خدمات التوصيل المنزلي بشكل غير مسبوق. فاطمة الشمري، ربة منزل من الحدود الشمالية، وصفت اللحظات الأولى للعاصفة بصدمة حقيقية: "شاهدت الماء يتجمع أمام منزلي ويتدفق مثل النهر خلال دقائق قليلة فقط، لم أر شيئاً مثل هذا في حياتي". النتائج المتوقعة تتراوح بين تجمعات مياه خطيرة في الشوارع الرئيسية وإمكانية انقطاع الخدمات الأساسية، بينما يتفاءل المزارعون بفرصة ذهبية نادرة لتعبئة خزانات المياه الجوفية وإنعاش الأراضي الزراعية الظمآى.
الوضع الآن يتطلب حذراً استثنائياً، فالإنذار الأحمر يشمل 3 مناطق حيوية وملايين المقيمين، واتباع إرشادات السلامة أصبح مسألة حياة أو موت حرفياً. خبراء الأرصاد يؤكدون أن الطقس قد يتحسن تدريجياً خلال الأيام القادمة، لكن آثار هذه الأمطار الاستثنائية ستبقى لأسابيع في شكل مياه جوفية متجددة وخضرة تنعش الصحراء. ابقوا في منازلكم، اتبعوا التحذيرات الرسمية، وتجنبوا المخاطرة بأرواحكم. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن: هل ستكون هذه العاصفة التاريخية بداية موسم أمطار استثنائي يغير خريطة المياه في المملكة، أم مجرد حالة جوية عابرة؟ الساعات الحاسمة القادمة ستحدد الإجابة النهائية.
