في تطور اقتصادي يهز أركان النظام النقدي اليمني، يكشف فارق صادم قدره 1084 ريال يمني للدولار الواحد بين عدن وصنعاء حقيقة مرعبة: دولة واحدة تحتوي على عملتين مختلفتين تماماً. لليوم الـ90 على التوالي، يستمر هذا التناقض الاقتصادي المدمر دون حل في الأفق، بينما يفقد المواطنون ثقتهم في عملتهم الوطنية.
البنك المركزي في عدن يحافظ على سياسة التجميد الكامل لأسعار الصرف عند 1617-1630 ريال للدولار، بينما تسجل أسواق صنعاء أسعاراً مختلفة جذرياً عند 533-535 ريال للدولار - فارق يصل إلى 203%. أحمد المهاجر، مغترب يمني يحول راتبه من السعودية، يروي مأساته: "راتبي البالغ 1000 دولار يساوي مليون و630 ألف ريال في عدن، لكنه لا يساوي سوى 535 ألف ريال في صنعاء. أفقد أكثر من مليون ريال فقط بسبب مكان التحويل!"
هذا الانقسام النقدي يعيد إلى الأذهان انقسام ألمانيا اقتصادياً بين الشرق والغرب، لكن بفارق أن اليمن يشهد هذا التناقض داخل حدود دولة واحدة منذ بداية الصراع في 2014. السيطرة المختلفة على موارد النفط والغاز، إلى جانب سياسات نقدية متضاربة، خلقت واقعاً اقتصادياً منقسماً. د. سالم الاقتصادي، المحلل المالي المتخصص، يؤكد: "هذا الفارق يعكس واقعاً اقتصادياً منقسماً لا يمكن حله دون اتفاق سياسي شامل."
المواطنون يواجهون كابوساً يومياً في تحديد قيمة أجورهم ومدخراتهم، بينما يستغل التجار هذه الفروقات لتحقيق أرباح خيالية. فاطمة المواطنة، ربة منزل من تعز، تقول بحسرة: "نفس الراتب يشتري ثلاث أضعاف الطعام إذا كنت في صنعاء، نعيش في دولة واحدة لكن باقتصادين مختلفين تماماً." محمد التاجر نجح في استثمار هذه الفجوة وحقق أرباحاً استثنائية، لكن خبراء يحذرون من أن هذا الوضع قد يؤدي لانهيار كامل في إحدى المنطقتين.
رغم الفرص الاستثمارية المحفوفة بالمخاطر، يبقى السؤال الأهم: متى ستعود العملة اليمنية موحدة؟ وكم من المواطنين سيخسرون مدخراتهم في انتظار ذلك اليوم؟ الخبراء يتوقعون استمرار هذا الوضع مع إمكانية تفاقم أكبر، مما يستدعي إيجاد حل سياسي شامل لحماية ما تبقى من القوة الشرائية للمواطن اليمني.