في تطور صاعق يهز المنطقة العربية، تسجل أسعار صرف الريال اليمني فجوة تاريخية تصل إلى 203% بين عدن وصنعاء، حيث يصل سعر الدولار إلى 1617 ريالاً في عدن مقابل 533 ريالاً فقط في صنعاء. هذا الانقسام المالي المدمر يعني أن العملة الواحدة باتت لها أسعار مختلفة كما لو كنت تشتري الخبز بريالين في حي وبخمسة في حي آخر! كل دقيقة تأخير في فهم هذه الأزمة تعني خسارة مئات الريالات من جيوب المواطنين، والخبراء يحذرون من تداعيات كارثية قد تقسم اليمن اقتصادياً إلى الأبد.
أحمد المحضار، موظف في عدن يحتاج لإرسال راتبه لأسرته في صنعاء، يروي مأساته: "أخسر 60% من قيمة كل ريال أرسله لأطفالي، كأنني أحرق نصف راتبي كل شهر". هذه المعاناة تتكرر مع آلاف العائلات المنقسمة جغرافياً، حيث تشير الأرقام الصادمة إلى أن فجوة الـ1084 ريال للدولار الواحد تساوي راتب عامل لمدة أسبوعين كاملين. في المقابل، نجح البنك المركزي في عدن في تحقيق استقرار نسبي، وسط أصوات الصرافين التي تنادي بأسعار ثابتة للمرة الأولى منذ شهور.
خلف هذا الانقسام المالي المروع قصة حرب أهلية مدمرة بدأت منذ 2014، حولت اليمن إلى برلين الشرقية والغربية جديدة بعملة مقسمة وسلطات مالية متنافسة. الدكتورة فاطمة الشرعبي، المحللة الاقتصادية، تؤكد أن "التدخل المدروس للبنك المركزي في عدن منع انهياراً كاملاً للاقتصاد، لكن الثمن كان عزل صنعاء مالياً". هذا الانقسام النقدي يشبه إعصاراً اقتصادياً يضرب المنطقة، حيث تتغير الأسعار بسرعة البرق بينما يحاول البنك المركزي أن يكون أقوى من سد مأرب في مواجهة المضاربات.
على أرض الواقع، يعيش المواطنون اليمنيون كابوساً حقيقياً، فالموظف في عدن يحتاج 1632 ريالاً لشراء دولار واحد، بينما زميله في صنعاء يحصل عليه بـ535 ريالاً فقط. محمد الحضرمي، صراف في عدن، يشهد يومياً "معاناة مؤلمة للمواطنين وهم يحسبون خسائرهم، لكن الاستقرار الحالي أعطى الجميع بصيص أمل". التوقعات تشير إلى سيناريوهات متضاربة: إما نجاح جهود التوحيد خلال 2026، أو تعميق الانقسام ليصبح اليمن دولتين اقتصاديتين منفصلتين تماماً. الفرص متاحة للمستثمرين الأذكياء، لكن المخاطر جسيمة لمن لا يتابع التطورات لحظة بلحظة.
في نهاية المطاف، نقف أمام فجوة سعرية تاريخية تبلغ 203% تهدد بتقسيم اليمن اقتصادياً للأبد، رغم النجاح النسبي لسياسات البنك المركزي في عدن. المستقبل معلق بخيط رفيع بين طريقين: إما التوحيد النقدي الذي ينقذ الوطن، أو الانقسام الدائم الذي يدفن آمال الوحدة الاقتصادية. على كل مواطن ومستثمر متابعة هذه التطورات يومياً وحماية مدخراته من التقلبات المدمرة. السؤال المحوري يبقى: هل سينجح اليمن في توحيد عملته مرة أخرى، أم أننا أمام ولادة اقتصادين منفصلين إلى الأبد؟