في مشهد نادر لم تشهده الأسواق اليمنية منذ أشهر، استقرت أسعار صرف العملات الأجنبية اليوم عند 535 ريال للدولار الواحد - رقم يحبس الأنفاس ويحكي قصة انهيار اقتصاد بأكمله. هذا الاستقرار المريب جاء بعد تقلبات عنيفة هزت جيوب المواطنين لأشهر طويلة، لكن السؤال المحير: هل نحن أمام هدوء حقيقي أم هدوء ما قبل العاصفة؟
تصدرت محال الصرافة في عدن وصنعاء مشاهد الارتياح الحذر، حيث سجل الدولار الأمريكي 533 ريال للشراء و535 للبيع، بينما استقر الريال السعودي عند 140 ريال. أحمد العامري، صراف في شارع الزبيري بعدن، وصف الوضع قائلاً: "منذ الصباح والأسعار ثابتة كالصخر، لكن قلبي يخفق خوفاً من انقلاب مفاجئ." فجوة ريالين فقط بين البيع والشراء تشير إلى استقرار نسبي، لكنها تعكس أيضاً ضعف السيولة الذي يعاني منه السوق اليمني.
هذا الاستقرار يأتي بعد سنوات من التدهور المستمر حيث فقدت العملة اليمنية أكثر من 90% من قيمتها منذ بداية الصراع عام 2014. الوضع السياسي المتأزم، نقص العملة الصعبة، والاعتماد المفرط على الاستيراد كلها عوامل تضع الريال اليمني تحت ضغط مستمر. د. عبدالله الحميدي، الخبير الاقتصادي، يحذر: "هذا الاستقرار مؤقت ومشكوك فيه، مرتبط بعوامل خارجية قد تتغير في أي لحظة."
في بيوت صنعاء وعدن، تتنفس العائلات الصعداء مؤقتاً. أم محمد، ربة بيت من صنعاء، تراقب أسعار الصرف يومياً في انتظار تحويلة ابنها من الرياض: "اليوم أول يوم منذ شهور لا أشعر فيه بالذعر من فتح تطبيق أسعار الصرف." الأسعار المستقرة تعني استقراراً نسبياً في أسعار السلع الأساسية، لكن الخبراء يحذرون من عودة محتملة للتقلبات مع أي متغيرات سياسية أو اقتصادية جديدة. محمد التاجر، مستورد أدوية من تعز، يصف الوضع: "هذا هدوء قبل العاصفة، أنصح الجميع بالحذر."
بينما يستمتع اليمنيون بهذا الاستقرار النادر، تبقى التساؤلات معلقة حول مدة استمراريته. 535 ريال مقابل دولار واحد لا تزال صدمة صامتة تذكر بحجم الأزمة الاقتصادية، لكن الاستقرار - مهما كان هشاً - يوفر فرصة ذهبية للتحويلات والتجارة الحذرة. السؤال الذي يطرح نفسه: هل سيصمد هذا الهدوء النسبي أمام رياح التغيير القادمة، أم أننا نشهد الهدوء الأخير قبل عاصفة اقتصادية جديدة؟